كشفت مصادر مطلعة أنه بعد وقف إطلاق النار في ليبيا بين الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق، تجري ترتيبات واسعة قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستتم في مارس القادم برعاية دولية، حيث سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة برئاسة معين الكخيا، على أن تكون مدينة سرت هي العاصمة الجديدة لليبيا.

خروج اللاعبين القدماء

قال مراقبون، إن ألمانيا أكبر الرابحين من اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا بعدما نجحت في الحصول على ورقة ليبيا بموافقة تركيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي أنهت أمر وقف إطلاق النار في ساعات معدودة، وباتت شريكا مهما داخل ليبيا، بينما تعد روسيا الخاسر الأكبر إثر فشلها في مساعدة حليفها حفتر لبسط سيطرته على كامل التراب الليبي، بينما ارتضت دول الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا وإيطاليا بنصيبها في التورتة، كما تشير تقارير إلى أن الاتفاق سيؤدي إلى اختفاء أسماء بارزة من المشهد الليبي من بينهم خليفة حفتر وعودته لأمريكا وفايز السراج وذهابه إلى تركيا.


واشنطن تحدد موعد الانتخابات

كما أن توافق اللاعبين الدوليين يثير مخاوف من تقسيم ليبيا ونهب ثروات البلد الذي يملك خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، بينما يرى الدكتور محمود عزام أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي التي ستحدد الموعد النهائي للانتخابات الليبية وبالأسماء المرشحة والتي ستفوز أيضا.

سرت

شمل اتفاق وقف إطلاق النار مطالب من حكومة الوفاق بجعل مدينة سرت والجفرة دون أسلحة، والواقع أن قائد الجيش الوطني الليبي حفتر، لا يمكن أن يتخلى عن سرت والجفرة مهما كان حجم الضغوط ومهما قدمت حكومة الوفاق من تنازلات، في ظل استمرار شحن مرتزقة سوريين من تركيا إلى مصراتة حتى اليوم، مع وجود تحذيرات من كل الأطراف سوف تسعى لتغيير الجغرافيا والديموغرافيا الليبية قبل الذهاب لمارس القادم لتحسين موقفه على طاولة المفاوضات والمكاسب.

مرحلة جديدة

مرحلة جديدة تشهدها الساحة الليبية، وتتمحور حول الحل السياسي للأزمة، والتخلي عن الحلول العسكرية، بعد إعلان مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق وقف إطلاق النار في عموم ليبيا والشروع في التجهيز للمسار السياسي المنضبط المبني على السلام والحوار بين الفرقاء.

وكانت حكومة الوفاق في ليبيا قد أعلنت، الجمعة، وقف إطلاق نار في كل الأراضي الليبية، ودعت إلى جعل سرت والجفرة منطقتين منزوعتي السلاح.

كما أكد رئيس المجلس الرئاسي على دعوته إلى «انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال شهر مارس القادم، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتم الاتفاق عليها بين الليبيين».

تأييد عربي ودولي

توالت ردود الفعل العربية والدولية على إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا، مرحبة بهذا الإنجاز الكبير الذي يمهد لجمع الفرقاء الليبيين على طاولة حوار دون تدخل قوى أجنبية.

رحبت وزارة الخارجية السعودية بالقرار في بيان أكدت فيه ضرورة البدء في حوار سياسي داخلي يضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار للشعب الليبي الشقيق، ويمنع التدخل الخارجي الذي يعرض الأمن الإقليمي العربي للمخاطر، فيما قالت أبوظبي الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع في ليبيا، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.

كما رحب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الجمعة، بمعلومات «مهمة وإيجابية» بعدما أعلن كل من الطرفين المتنازعين في ليبيا وقفا لإطلاق النار وإجراء انتخابات مقبلة.

واعتبرت فرنسا أن الإعلان «خطوة إيجابية»، مشددة على أن هذه التعهدات يجب أن تطبق على الأرض، ولا يمكن أن يكون الحل في ليبيا عسكريا.

وتغير موقف حكومة الوفاق تجاه مصر بعد إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا، حيث قال وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، إن «الوفاق» تتطلع لتطوير التعاون مع أمريكا وأوروبا ومصر والأمم المتحدة»، موضحا في تغريدة عبر حسابه على موقع «تويتر» أن «اتفاق وقف إطلاق النار برعاية ودعم الدول الشقيقة والصديقة مكسب وطني يستحق الإشادة».

مخاوف من الفشل

بدوره حذر الدكتور محمد عزالدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة من فشل اتفاق وقف إطلاق النار، وقال إنه على الرغم من الترحيب الدولي والعربي الواسع الذي لقيه الإعلان المتبادل على وقف إطلاق النار في ليبيا، إلا أن العديد من النقاط لا تزال غامضة بشأن ملفات مختلفة منها سرت وموقف المرتزقة والميليشيات، وصولاً إلى النفط وغيره من النقاط الشائكة، مشددا على أن المشهد الليبي معقد مع تداخل أطراف خارجية، وانتشار المرتزقة الذين تقلهم تركيا من سورية إلى الأراضي الليبية، ولعل هذا ما دفع بعض النواب في البرلمان الليبي إلى التأكيد على أن الواقع على الأرض معقد.