لقد أثبتت التجربة، التي عملت عليها حكومتنا الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- نجاعتها ونجاحها في الوقت ذاته، في التعامل مع جائحة كورونا، وهو تعامل أدى إلى تقليص أعداد الإصابات؛ حفاظًا على سلامة الإنسان وصونه من تبعات هذه الجائحة، سواء أكان مواطنًا أو مقيمًا -على حدٍ سواء-؛ فضلاً عن الأضرار المترتبة عليها عاجلاً وآجلاً.

ولا شك أن كل نجاحٍ نوعي، مهما علا سقف الطموح لتحقيقه، يأتي في ظل ما يعتوره من صعوبات، وما يحفه من معوقات، منظورًا فيما يعطيه من دروس عملية تبرهن على صلابة ما يتخذ من إجراءات تجمع ما بين الرؤية المدروسة، وبين فتح باب الاحتمالات القائمة، وفقًا لما يستجد من نتائج.

إن الخطة التي أعلنت عنها وزارة التعليم لبدء انطلاقة العام الدراسي الجديد 1442، لم تكن بمعزل عن خارطة الطريق التي تبنتها حكومتنا الرشيدة؛ حفاظًا على سلامة الجميع من تبعات هذه الجائحة بالتدابير الاحترازية؛ ولهذا كانت خطة الوزارة قائمة على ذات النهج، وذات النمط، خاصة بعد أن أثبتت المعطيات الراهنة عالميًا أن العودة الفعلية إلى قاعات الدرس لا تسلم من المخاطر، ولا تضمن السلامة في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تجتاح العالم.

ولضمان استمرار العملية التعليمية بكل كفاءة واقتدار، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة؛ فإني لا أبالغ إذا قلتُ إن وزارة التعليم قد تميزت أيَّما تميُز حينما أعلنت حيثيات خطتها أمام المجتمع، وآلية تنفيذها لانطلاقة بدء العام الدراسي الجديد عن بُعد لفترة سبعة أسابيع مقبلة، مع الأخذ في الاعتبار -حسب ما يستجد في قابل الأيام- جميع الاحتمالات القائمة، والخيارات المتاحة.

صحيح أن الوزارة أصدرت -مشكورةً- دليلاً إرشاديًا يضطلع ببيان الآليات والإجراءات الاحترازية التي تحكم العودة الآمنة للدراسة؛ بهدف المحافظة على سلامة الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس؛ ولكنه دليل يقف عند دوره الإرشادي، ليبقى من ثمّ دور كل جهة في تحديد ما يناسبها وفق ما يقتضيه الواقع.

وصحيح -أيضًا- أن تجربة الجامعات السعودية في التعاطي مع التعلّم عن بُعد كانت ناجحة ومثمرة بكل المقاييس والمعايير؛ وفقًا للشواهد الحية والأدلة القائمة، وهذا ما يكاد ينسحب على قطاع التعليم العام، خاصةً بعد أن خاض تجربة التعلّم عن بُعد خلال الفترة الأولى من تعليق الدراسة حضوريًا، وهو ما أدَى إلى إكساب هذا القطاع خبرة جيدة، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على العملية التعليمية ونواتجها المرجوة.

إن دور الأسرة والوعي المجتمعي هما المحك في إنجاح تجربة التعلّم عن بُعد، بوصفه أحد أهم الأساليب التعليمية والمعرفية في العصر الحاضر، في ظل هذه الظروف الاستثنائية.