في مقطع فيديو متداول وقعت أحداثه في أحد المستشفيات الحكومية في جدة، يظهر أحد المرضى وهو يقفز داخل سيارة إسعاف تتبع للهلال الأحمر ويغلقها عليه من الداخل ويهرب بها وسط وجود مجموعة من حراس الأمن يحاولون ردعه، ولكن ينجح هذا المريض في الهروب من المستشفى بأكمله، وبحسب المتحدث الرسمي للهلال الأحمر بأنه تم العثور لاحقا على عربة الإسعاف، ولم يتم التوضيح عن حالة المريض أو مكان وجوده.

وهذا الفيديو يظهر كيف أن معظم الوزارات تتعامل مع مهنة «حارس الأمن» وكأنهم مجرد «كومبارس» أو «تكملة عدد»، فيظهر جميع الحراس وهم متفاجئون أن هذه الحالة قد تحدث، رغم أنها تعتبر من الأساسيات التي يتدرب عليها أي حارس أمن في أي موقع كان، فما بالك بمنشأة تخدم عشرات الآلاف شهريا من المرضى والمراجعين.

مختصر الحديث أن معظم الوزارات تتعامل مع بعض الوظائف لديها بنوع من العناد أو التراخي أحيانا في تطبيق مفهوم الجودة الشاملة، رغم أنها تعلم جيدا أهمية تلك الوظائف، ومنها مهنة «حارس الأمن»، فتجد أن مجموعة الحراس الذين ظهروا في المقطع هذا، في حال سألناهم عن أسلوب حياتهم، ستجد أنهم يعانون التهميش والفوقية في التعامل مع حقوقهم التي كفلها لهم النظام، وتجد أن الواحد منهم يعامل وكأنه «الجوكر»، الذي يعمل لسد الفجوات التي تركها مسؤول هذا المستشفى بلا تخطيط، فقد تجد أنهم من يقومون بنقل الإمدادات من المستودعات إلى المستشفى ونقل المرضى الذين لا يرافقهم أحد، وينقلون عينات الدم، وملفات المرضى، و...... و...... من المهمات التي لها موظف مختص.

أما بالرجوع للحراس الذين ظهروا في المقطع ففي حال تم سؤالهم، عن عدم قدرتهم على التعامل مع هذه الحالة، ولماذا لم يتلقوا التدريب الذي يحميهم ويحمي من يقومون على حمايته، فسوف يجيبونك ببساطة (نحن بحاجة لحياة كريمة قبل التدريب، نحن بحاجة لأمان وظيفي يجعلنا نأتي إلى مقر عملنا ونحن نشعر بالانتماء له، ويجعلنا قادرين أن نأتي بسيارة تخصنا، ونسكن في سكن يخصنا، نحن بحاجة ألا نعمل باليومية وهذا يعني أنه قد «تطق في رأس المدير»، ويستبدلنا بحراس جدد في اليوم التالي وليس السنة التالية، نحن نعمل هنا منذ أكثر من 10 أعوام على أمل الترسيم، ونواجه كل ما يواجهه الطاقم الطبي والصحي من العدوى والاعتداء اللفظي أو حتى الجسدي، وكل ذلك ونحن لسنا سوى «بالمرسمة» وقد يتم الاستغناء عنا في أي لحظة، فكيف تريدنا أن نحضر تدريبا أو نحاول أن نطور أنفسنا ونحن نعمل 8 ساعات يوميا و 6 أيام في الأسبوع، وآخرها راتب لو كان بلا حسميات فلن يتجاوز الـ 3 آلاف ريال)، ولكن كفى بهذا المقطع أن يوجه رسالة عجز عنها الأغلبية وهي أن (الأمن قبل كل شيء).