في ظل هذا الزخم الحياتي، يحتاج «الإنسان» لمراجعة قلبه لنقائه وصفائه، وتعهد ذلك بين وقت وآخر؛ حماية له صحياً ونفسياً، وحتى لا يظلم نفسه ولا غيره في الدنيا والآخرة.

وهنا فرق بين الطيبة «السلبية» التي تعني ظلمك لنفسك بعدم أخذ دروس الحياة بعين الحذر والاعتبار، والمؤمن «كيّس فطن»، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.

وبين الطيبة «الإيجابية» التي تريح صاحبها في الدنيا براحته النفسية، وراحته الأخروية يوم الحساب بأنه لم يظلم أحداً ويعتدي عليه حتى في قلبه ناهيك عن لسانه وبنانه وسنانه.

ولو رجعنا لهذه الطيبة الفطرية التي تتجلى في براءة الأطفال قبل أن تلطخها مسيرة الحياة التي لا تتعاهد نفسها بالنقاء، لأدركنا خيرها بين البشر عموماً، وبين المعارف خصوصاً.

ومن المؤسف أن يكون هذا النقاء وطيبة القلب محل تندر بين الناس، وكأنه عيب، بدلاً من أن يكون طهارة يفتخر بها.

ولذا لا تكن أهلاً للمكر على الآخرين، وليكن مكرك لإبطال مكر الظالمين كقوله تعالى (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين) بإبطال مكرهم لا المكر بهم.

ونسأل الله أن يرزقنا جميعاً طيبة القلب، والمحافظة على بياضه، لا أن نسوده كقوله تعالى (بل ران على قلوبهم).

وحسبنا الذكر الطيب في حياتنا، والذكريات الأطيب بعد مماتنا، وهذه الدنيا قصيرة ولا تزن عند الله جناح بعوضة.

حفظ الله لنا قلوبنا طيبة بيضاء.