بصيغة إلكترونية، ومن تحريره وترجمته وتعليقه أصدر الدكتور حمد العيسى كتاب «إشكالية الحضر والبدو في الكويت: وأسباب استمرار الانقسام الحضري-البدوي حتى الآن!!»، وذلك في 288 صفحة من الحجم الكبير، وطرحه مجانا، مراعيا توقف أو قلة النشر الورقي (معظم عام 2020) في العالم العربي بسبب جائحة كورونا، خصوصاً مع إلغاء جميع معارض الكتب منذ مارس 2020 وحتى نهاية هذا العام.

ولم يستبعد العيسى إصدار الكتاب في نسخة ورقية، ولكن ليس قبل النصف الثاني من العام المقبل.

تركيز على النادر

يبرر العيسى في حديثه لـ«الوطن» اختياره موضوع انقسام الحضر والبدو في الكويت، وهو موضوع شائك، بقوله «دشنت عام 2015 مشروعاً شخصياً صغيراً في الترجمة بعنوان «مختارات د. حمد العيسى – دراسات نادرة» وهو مخصص لترجمة دراسات نوعية نادرة في العلوم الإنسانية، وهذا هو الكتاب الثامن في هذا المشروع، واعتدت اختيار المواضيع النادرة بفضول معرفي شخصي، وهو محاولة فهم ومعرفة تفاصيل القضايا المهمة التي أجهلها، ومن ضمنها قضايا إشكالية الحضر والبدو في الكويت، ورغم كونها قضية مهمة ومؤثرة جداً في المشهد السياسي الكويتي، إلا أنني اكتشفت عدم وجود كتب حديثة تناقشها إذ إن آخر كتاب صدر عنها بشكل غير مباشر كان في ثمانينيات القرن العشرين، ولذلك قررت تحرير ونشر هذا الكتاب لكي أسد تلك الثغرة في المكتبة العربية.

التوقيت جانبي

يرفض العيسى الربط بين إصداره للكتاب وما هو مطروح حول تصحيح التركيبة الديموغرافية في الكويت حالياً، ويبرر عدم انتظاره إصداره ورقياً، بقول «توقيت صدور الكتاب لا علاقة له بما يجري في الكويت بل يعود لسبب ذاتي جداً، وهو أنني كمترجم لم أحصل في الماضي على عائد يناسب جهدي من الناشرين الذين نشرت معهم أكثر من 30 كتابا، بل إن بعضهم يرفض دفع العوائد المنصوص عليها في العقد ولا يرد على الإيميل أو الاتصالات الهاتفية، ولذلك انتهزت فرصة شلل النشر الورقي بسبب كوفيد-19 لكي أجرب النشر الإلكتروني وأقيّم إيجابياته وسلبياته».

تبرئة

حرص العيسى على التمهيد لكتابه الذي يتضمن 9 فصول وملحقا واحدا، على تبرئة الذمة مبكراً من الاتفاق مع جميع محتويات الكتاب، وكتب «تجارب شخصية كشفت لنا عن سوء فهم فظيع لدور المترجم عند البعض، ولا بد أن نشير إلى أن ترجمة هذه المواد وغيرها ـ لا تعني بالضرورة ـ الاتفاق مع جميع محتوياتها من أوصاف ومصطلحات وتحليلات واستنتاجات وآراء واقترحات».

وأضاف «المترجم لا يصادق على أن نوع من الاتهامات الصريحة والضمنية التي ترد في فصول وملاحق الكتاب، ولا يتفق معها أيضا، بل حرص على ترجمة الفصول وإعداد الملاحق بدقة كما كتبها مؤلفوها دون أي تدخل قد يخل بالمعنى».

كما رأى العيسى أن المقالات التي تضمنها كتابه يجب أن تقرأ في السياق التاريخي لنشرها الذي أرفقه في مطلع كل مادة.

تحفظ على مصطلح

يتحفظ العيسى كذلك على مصطلح «بدو» لكنه يبرر اضطراره إليه لشهرته ولعدم وجود مصطلح بديل ومتعارف، ويرى أن مصطلح «بدو» لم يعد يصلح للوقت الحاضر لوصف المواطنين الكويتيين الذين استقروا في المدينة وتركوا حياة الترحال وارتفع مستوى وعيهم وتعليمهم، ويشكلون من 60 إلى 65 % من سكان الكويت.

99 % مناطق حضرية

يتناول الكتاب مواد لعدد من المؤلفين، ومنهم البروفيسورة النرويجية (من أصل فيتنامي) آن لونغا لونغفا، وكذلك الباحثة الكويتية الدكتورة فرح النقيب وهي الأستاذ المساعد للتاريخ في الجامعة الأمريكية في الكويت سابقا، وتعمل حاليا في جامعة ولاية كاليفورينا للفنون التطبيقية. تقول النقيب «99 % من أراضي الكويت اليوم هي مناطق حضرية، وعلى الرغم من استضافتها عددا كبيرا من سكان الصحراء في الماضي، فإن الكويت لم تعد تحتوي الآن على أي بدو يمارسون نمط حياة الترحال والرعي». وتضيف «مصطلح بدو لا يزال شائعا شعبيا في الكويت لتعريف مجموعة مختلفة اجتماعيا وثقافيا عن الحضر الذين يعرفون في الكويت بسلاسة سكان المدينة قبل اكتشاف النفط».

وتؤكد النقيب أن الانقسام بين البدو والحضر في الكويت يعود اليوم إلى التنافر الثقافي، وتشير إلى أن الباحثة لونغفا ذكرت أننا ـ يجب أن نفهم انتقادات الحضر الحالية للبدو كتعبير عن مشاعر مناهضة للهجرة من النوع الذي يسمع عادة في المجتمعات التي تعهدت فيها الدولة بتقديم الرفاهية والرعاية الكاملة لموانيها من المهد إلى اللحد.. أي أن عداء الحضر للبدو ينبع من عدم الرغبة في تقاسم ثروة البلاد مع الوافدين الجدد.

قانون جنسية

بعد عامين من انطلاق صناعة النفط في الكويت جرت أول محاولة لتحديد متطلبات الجنسية الكويتية عام 1948.. السكان الذين كان أسلافهم موجودين في الكويت منذ 1899 عرفوا كمواطنين، وكذلك الأطفال المولودون في الكويت لغير الكويتيين، ومنح للعرب والمسلمين الذين عاشوا في الكويت لمدة تصل إلى 10 سنوات أن يتقدموا بطلب للحصول على الجنسية.

لكن أول إحصاء سكاني عام 1957 كشف أن 45 % من السكان أجانب تدفقوا للعمل في الكويت، ليصدر قانون أكثر تعقيدا للجنسية عام 1959 وعرف الكويتين «أساسا» بأنهم المتوطنون في الكويت قبل 1920، والخيار الوحيد للأشخاص الذين لا يستوفون هذه الشروط لكي يتجنسوا هو عبر قرار صادر عن وزير الداخلية بمنحهم الجنسية.

كرس القانون «بالتأسيس» الفرق بين «الأصلي» و«الوافد الجديد»، وبات جزء مهما من خطاب الحضر/البدو في الكويت، فمن استقروا قبل 1920 في المدن وإلى حد ما القرويون رسخت منزلتهم كمواطنين أصليين بموجب القانون أما الذين لم يستقروا حتى لو تجنسوا كمواطنين كويتيين فقد رسخت منزلتهم كوافدين جدد بغض النظر عن طول أو مكان مدة إقامتهم في الكويت.

مؤلفو مواد الكتاب

البروفيسورة آن لونغا لونغفا

الباحثة فرح النقيب

البروفيسور شفيق ناظم الغبرا

الدكتورة ريفيكا أزولاي

البرفسور غوين أوكرليك

البرفسور مايكل هيرب

البرفسور دانييل برومبرغ

البرفسور ناثان براون

مراسل جريدة «ذا ناشيونال» أبو ظبي جيمس كالدروود