فأولى هذه الفرص التي يمكن استغلالها من نظام "التعليم عن بعد" هي نشر وإشاعة أفضل الممارسات التعليمية وتوزيعها بصورة موثقة ومسجلة، فعبر هذه الطرق التدريسية المتعددة نستطيع إنشاء قاعدة بيانات متكاملة من عدد من المحاضرات في كل مادة على حدة بواسطة عدد من المعلمين، مما يوفر للطالب خيارات متعددة يتمكن من خلالها اختيار أنسب الطرق التي يستطيع عبرها فهم المحتوى العلمي بواسطة معلم من بيئته المحلية، كما يتمكن المعلم نفسه من تطوير نفسه وتنمية ملكاته في عملية التدريس باطلاعه على عدد من الطرق والأساليب التدريسية المختلفة من قبل أقرانه ونظرائه معلمي المادة نفسها.
ومن فرص التطوير التي يتيحها نظام "التعليم عن بعد"، أنه يوفر أرضية متكاملة ومسجلة لاستخدامها في البحث العلمي عن أوجه التميز والقصور في النظام التعليمي السعودي، على سبيل المثل أسباب تفاوت المستويات بين الطلاب، إن كانت هذه الأسباب ترجع لخلل في أداء بعض المعلمين، فعن طريق المحاضرات المسجلة نستطيع تقييم أداء المعلمين والوقوف على أبرز نقاط الضعف والقصور في الأداء، فمن شأن ذلك أن يساعد الباحثين والمختصين في تطوير وتحسين العملية التعليمية وتنمية مهارات المعلمين.
أيضا يوفر نظام "التعليم عن بعد" للمعلمين فرصة التكامل بين معلمي المادة الواحدة في أكثر من مدرسة عبر الاتحاد في مجموعات تعليمية واستخلاص أفضل الميزات والمهارات التي يمتاز بها كل معلم والاستفادة من هذه المهارات المتنوعة لإثراء البيئة التدريسية وإنتاج محتوى تعليمي متكامل يفيد الطلاب.
كذلك يستطيع نظام "التعليم عن بعد" تمكين الطالب من اختيار المعلم الملهم الذي يناسبه، فمن سمات هذا النظام أنه يلغي القيود الجغرافية، فلا يعد الطالب مقيدا بحدود مدرسته فقط، وليس ملزما بالتتلمذ على معلم لا يرتاح له، فاختيار الطالب للمعلم المناسب له بنفسه، لا شك أنه يمنحه حافزاً ودافعاً أكبر للتعلم.
إضافة لكل ذلك يمكننا من خلال نظام "التعليم عن بعد" إثراء المحتوى التعليمي الرقمي بالمملكة وإنشاء أرشيف تعليمي ضخم يمتد أثره للأجيال القادمة، فإذا جمعنا كل المواد العلمية المسجلة من جميع المدارس من المؤكد أننا نستطيع منها انتخاب محتوى تعليمي مثالي يكون بمثابة نموذج ومرجع تعليمي يمكن أن يعمم وينشر في جميع المدارس.
إن العملية التعليمية- أيها الكرام- غاية في التعقيد لن تنجح إلا بتكاتف الجميع- وبالإضافة إلى ما أضافه فيروس كورونا من تعقيد زاد الأمور صعوبة.. إلا أن الفرص أعلاه وغيرها الكثير لو استغلت ستكون كفيلة بتحقيق إنجازات تحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين وطموحات سمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، التي أرادها لهذه البلاد في رؤية 2030.