ظهرت خلال الأيام الماضية منشورات لحسابات يديرها أشخاص مجهولون يضعون أرقام هاتفية للتواصل عبر تطبيقي «واتسآب» و»تويتر» وغيرهما، وذلك للترويج لخدمات طلابية يدعون فيها تقديم المساعدات للطلاب وأولياء الأمور بالحضور عنهم للحصص الدراسية والمحاضرات الجامعية وحل الواجبات وإعداد المناهج والاختبارات، في نوع جديد من ممارسات التدليس والغش الإلكتروني.

«الوطن» اطلعت على بعض هذه المنشورات حيث تواصلت مع أحد الحسابات الذي أكد تقديم الخدمة لطلاب وطالبات الجامعات وأن العاملين في الحساب يقومون بحضور المحاضرات كلها مباشرة وحل الواجبات والاختبارات ومتابعة المنتديات بـ70 ريالا للمادة الواحدة.

فيما تكفل حساب آخر بجميع خدمات منصة «مدرستي» من متابعة كاملة للحساب داخل المنصة، والتحضيرات، والواجبات، والاختبارات، والأنشطة، وعروض البوربوينت، والفصول الافتراضية، وأوراق العمل، والفيديوهات، وتختلف قيمة هذه الخدمات للأسبوع الدراسي وللمتابعة مدة 7 أسابيع.

قيمة اجتماعية

يقول عضو هيئة التدريس الدكتور إبراهيم البعيـز: للأسف الشديد أن مثل هذه الإعلانات هي امتداد لظاهرة تنخر في بناء النظم التعليمية في الدول العربية بشكل عام، وليس في المملكة فقط. فهي امتداد لظاهرة شراء الشهادات من الجامعات الوهمية، وشراء البحوث والتكاليف الجامعية والمدرسية من مراكز خدمات الطالب.

وأضاف: على الرغم من كثرة وتعدد الأسباب والتفسيرات لهذه الظاهرة، فإن الأسباب تشترك في تدني القيمة الاجتماعية للتعليم واحترامه، وهي القيمة التي عجزت مؤسسات التعليم عن الرفع بها في المنظور الاجتماعي، موضحا أنه سبق وأن أشارت بعض الدراسات الأكاديمية إلى أن القاسم المشترك لنجاح التعليم في بعض الدول الأسيوية، ومنها كوريا الجنوبية مثلا، كان ارتفاع القيمة الاجتماعية للتعليم، والنظرة الدونية لكل أشكال الغش والتزوير والتدليس في التعليم. ما لم نصل إلى هذه المرحلة من الوعي والرقي الاجتماعي في النظرة للتعليم وأهميته وقيمته على المستوى الفردي والاجتماعي، فسوف يظل تعليمنا يدفع ثمن هذه السلبيات.

وأبان البعيـّز أنه من الخطأ أن نضع اللوم على الطالب فقط، فالمؤسسة التعليمية والأستاذ أيضا يقع عليهم جزء من المسؤولية. تقع عليهم مسؤولية مساعدة الطلاب لوجستيا وأكاديميا لكتابة الأوراق البحثية والوفاء بمتطلبات التكاليف المطلوبة. حينها نستطيع التقليل من احتمالية لجوء الطلاب إلى تلك المراكز المشبوهة.

وقال: من معرفتي بهذه الظاهرة، أحرص على استبدال الأوراق البحثية، بتقارير عن مشاريع بحثية جماعية يشارك فيها الطلاب ضمن مجموعات عمل، مما يجعل الشراء من مراكز خدمات الطالب أمر صعب، وأحيانا غير ممكن لسهولة اكتشافه. أما مع مقررات الدراسات العليا فأحرص على أن تكون عناصر الورقة البحثية ومصادرها وحجمها أيضا متفق عليها مسبقا، مع تخصيص وقت في المحاضرة الأسبوعية للحديث عن سير العمل في الأوراق. وجدت في مثل هذه الأساليب ارتياح لدى الطلاب لشعورهم بالفائدة.

استغلال الأزمات

أوضح المختص بعلم النفس السيبراني الدكتور يوسف السلمي أن ضعاف النفوس يستغلون الأزمات وحاجة الناس وضعف مهاراتهم ليحققوا مكتسبات مادية دون ضمير منهم، وبسبب تداعيات جائحة كورونا اتخذت وزارة التعليم خياراً لا بد منه وهو التعليم عن بعد من خلال منصة مدرستي.

وأفاد السلمي أن هذه التجربة التي نمر بها الآن تحمل في ثناياها الكثير من الإيجابيات مثل فرصة التعلم الذاتي وتفعيل الدور الإيجابي للمتعلم، وأنه محور العملية التعليمية وزيادة فرصة التعامل مع التقنية والقدرة على التفاعل الذكي مع المجتمعات الافتراضية في منصة مدرستي، مما يكسب الفرد مكتسبات تنعكس على حياته الواقعية، إن هذه المهارات في التعامل مع التقنية وممارسة وتطبيق أساليب تدريس جديدة من قبل المعلمين قائمة على التعلم الإلكتروني لا يجب أن تنسى أو تهمل في المستقبل بل على العكس من الضروري أن يعتمد عليها جزئيا بعد زوال الجائحة.

اضطرار وليس خيارا

أشار المستشار التربوي والأسري أحمد النجار إلى أن التعليم عن بعد هو اضطرار وليس خيارا، ولم تلجأ له وزارة التعليم من باب الترفيه أو التطوير، بل وجدت الوزارة نفسها أمام هذا القرار الحتمي في هذا الوقت الضيق، وهذا تحد ضخم جداً ومهمة شبه مستحيلة، نظراً لضخامة العدد وحداثة الفكرة وعدم استخدامها بشكل رسمي من قبل، وعلى الرغم من ذلك نجحت الوزارة نجاحاً باهراً في إيجاد آليات قوية جداً للتعليم عن بعد، ولكن لكل أمر جديد أخطاء وتجارب نجاح وفشل كثيرة، ومن هذه الأخطاء ما تتحمله الأسر وليس الوزارة، فاللجوء إلى المعلمين الخصوصيين فيه العديد من السلبيات الخطيرة للغاية، على الطالب وصحته وصحة أسرته، وعلى العملية التعليمية كاملة، فنحن في الوقت الذي أوقفت فيه الدولة حضور الطلاب حفاظاً على صحتهم، نقوم بإحضار أشخاص إلى منازلنا ولا نعلم أهم مصابون بالفيروس أم لا؟! ناهيك عن عدم تأكدنا من معرفتهم وقدرتهم التعليمية وتمكنهم في تخصصهم، وهذا السلوك سيعزز السلوك الاعتمادي الذي يتنافى مع التوجه التربوي السليم في تعويد الطلاب على الاعتماد على أنفسهم، علماً أن وزارة التعليم قد وفرت الكثير من الحلول والتي تغني الطالب وأسرته عن الاستعانة بالمعلمين الخصوصيين.

أساليب استغلال الطلاب في التعليم عن بعد

بيع أجهزة ذات المواصفات رديئة بأسعار مرتفعة جدا

التسويق المزيف لخدمات إلكترونية لخدمة الطالب والمعلم

المطالبة بالإفصاح عن كلمات المرور الخاصة بهم مما يعرض الضحايا للاحتيال

العبث واستغلال المعلومات الشخصية للطلاب وأولياء أمورهم

إمكانية وقوع الطالب أو الطالب ضحية لجريمة معلوماتية أو الابتزاز

إمكانية تحويل الطلاب الأموال إلى حسابات مشبوهة