عندما علمت أن بعض الكتاب والأدباء لديهم مؤلفات وقصص ودواوين لا يجدون من ينشرها لهم، تحمست لأجعل من مكتبة الثقافة ناشرا لا موزعا فقط، فحصلت من الشاعر الأستاذ طاهر زمخشري – رحمه الله – على ديوانه الأول الموسوم بـ»المهرجان»، وقامت المكتبة بطبعه ونشره كباكورة لعملها في مجال النشر، ثم ثنيت بكتاب للأستاذ أحمد السباعي - رحمه الله - وهو كتاب تاريخ مكة، وطبع ونشر، نجح أيما نجاح بعد فشل «المهرجان»، فقد لجأت إلى أسلوب إعلاني مغرٍ استغللت فيه بعض أسماء العوائل المكية الواردة بالكتاب ومكانتهم العلمية والاجتماعية، وبعض الأحداث الغريبة في التاريخ، كحرب القبوري وفيل الشريف عون، وأصل النخاولة، ونشأة الطوافة، وفتنة الأغوات والقتال في المسجد الحرام، ومجوسي في مكة، والخيول في المسجد الحرام، ومن هو المظلوم الذي سيمت به حارة في جدة، فتسابق أفراد تلك العوائل بشراء الكتاب ليقرأوا أمجاد أجدادهم، وتسابق آخرون للشراء من أجل الحوادث الغريبة وكيف حدثت، وطبع بعد ذلك عدة طبعات ولا يزال مطلوبا لأنه كتاب قيم ومرجع مهم.

وتوقفت المكتبة عن النشر للعجز المادي ولكن لجنة حاولت ممارسة النشر منبثقة من أعضاء المكتبة وغيرهم من الأدباء ومن ضمنهم الشيخ عبدالوهاب دهلوي والشيخ محمد سعيد العامودي والأستاذ عبدالعزيز الرفاعي وأخي أحمد محمد جمال وبكر قزاز، وقامت هي الأخرى بنشر كتابين على حسابها هما «فكرة» قصة للأستاذ أحمد السباعي و»تاريخ القرطبي» تحقيق الأستاذين أحمد محمد جمال وعبدالعزيز الرفاعي، وتوقفت إذ تجمد رأسمالها في الكتابين، ولم ينجح توزيعهما، وجرى حلها وتسلم الشركاء حصصهم في رأس المال والربح مجموعة من الكتابين وبعض النقود.

بعد ذلك عاودتني فكرة النشر فألفت كتابا سميته «دليل الحاج المصور»، جمع به مناسك الحج وأحكامه والأدعية المأثورة فيه وموجزا لتاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة والكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمسجد النبوي وبعض الآثار الإسلامية في المدينتين المقدستين، وقامت المكتبة بطبعه ونشره وتوزيعه، وقد طبع حتى الآن أكثر من عشر طبعات وما زال يطبع.


كما قمت بتحقيق كتاب «الدرة الثمينة» في أخبار المدينة لابن النجار من مخطوط وجدته في مكتبة نسيبي السيد بكر حمدي، رحمه الله، وقامت المكتبة بطبعه ونشره وتوزيعه، وقد طبع طبعتان، واستأذنت ورثة الشيخ رشدي ملحس، رحمه الله، في إعادة طبع كتاب «أخبار مكة» للأمام الأزرقي، وأذنوا لي، وقامت المكتبة بطبعه ونشره وقد جرى طبعه عدة مرات ولا يزال يطبع كلما نفدت طبعته، وقامت المكتبة أيضا بطبع كتاب الجامع اللطيف لابن ظهيرة القرشي وهو تاريخ من تواريخ مكة المكرمة يوزع في مواسم الحج، ومثله كتاب الحكمة البالغة وهو مجموعة خطب منبرية. وأخيرا جمعت مجموعة من مقالاتي المنشورة بجريدة الندوة ونشرت في كتاب تحت عنوان «من أجل بلدي» في عام 1384، 1964 ونفذت طبعته.

*1989

*صحفي وكاتب سعودي «1920 - 1991»