لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا، ورأى المسجد بهذا الشكل، هل يرضيه؟
أ. أحمد الشقيري
طرطشة:
لهذا السؤال الملهم أثقال بحجم المجرة، وأبعاد بطول المدى، من الذي يستطيع كبح دموعه قبل أن يجيب عليه؟ كم من الجرائم كان من الممكن ألا ترتكب لو تخيل مجرموها الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم ويراهم وهو الحبيب الشفيع؟
كم مـن المواقـف القاسـية التي اقترفناها بحق من نحب ولو تخيلناه – صلى الله عليه وسلم – بيـننا لارتـعدت فرائصنا ولتراجعنا للخـلف وخططنا لمواقف تليق بما تركه المصطفى بيننا من أثر للبر والرحمة واللين والتسامح والأمانة ولا نهاية!
كان أغلب المجيبين على السؤال يبكون بعفوية تجعلك تتداعى أنت الآخر وتبكي!
وكم في السؤال من جماليات، وانصياع لطاعة المصطفى واقتفاء أثره وإظهار حبه على نحو نموذجي فريد!
حسن هذا ما يفعله بنا السؤال عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو سؤال يبقى افتراضيا!
لكـن الواقـع الـذي يغـفـل عنه الكثيرون أن الذي مـازال بينـنا وسيبقـى إلى أن يـرث الأرض ومـن عليها هو خـالق النـبي صـلى الله عليه وسلم، الذي أنعـم به عليـنا ونقـى قلوبنا بحبه واستلهام سيرته، والذي من علينا من قبل بالتكريم وأمر الملائكة بالسجـود لأبيـنا عليه السلام!
ولو كان المصطفى بيننا لما رأى منا إلا ظاهر سلوكنا إلا أن يوحي له الله بما نخفي، لكن الذي بيننا لا تخفى عليه خافية، فكيف نغفل عن أنه – سبحانه – باق بيننا، وكيف نجرؤ على ارتكاب كل هذا الكم من الفساد في الأرض!
هل نبقى بوقاحة الذنب وكأنه – جل شأنه – أهون الناظرين إلينا؟
لو تذكر المجرم حين يهم بجريمته بأن الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يراه هل كان سيجرؤ على ارتكاب جريمته؟
ولو استلهم رحمته له وتكفله بسعادته والاقتراب منه هل كان سيقدم على العصيان؟
ولو تذكر سجود الملائكة لأبيه واستكبار إبلـيس عن السجـود حقدا وحسدا هل كان سيختار أن يكون من حزب الشيطان الذي تعهد في إرشاده لطريق النار؟
مغادرة:
لو كان بيننا محمد عليه الصلاة والسلام لكانت الدنيا أجمل والنفوس أكثر نقاء، لماذا لا تكون كذلك ورب محمد بيننا؟