المتابع لمدينة كالرياض، يتذكر أن المتحدث الرسمي لمرور منطقة الرياض يخرج على شاشات التلفزيون وسماعات الراديو كل صباح ومع انطلاق الطلاب لمدارسهم، ويبدأ في تعداد الطرق الرئيسية شبه المتوقفة عن الحركة، وكيف أن مركز البلاغات المرورية يتلقى مئات الاتصالات في تلك الساعات، والعدد المهول من الحوادث وغيرها من الأشياء التي تنخفض إلى أقل معدلاتها بمجرد أن تبدأ الإجازة المدرسية.

وهذا فقط في الحركة المرورية، فما بالك على مستوى العائلة سواء من ناحية المصروفات والنفقات التي ترتفع على كاهل رب الأسرة بمجرد قرب العودة للمدرسة، ناهيك عن التكلفة اليومية لنقل الطالب أو الطالبة وتوفير وجبة الإفطار له، والانشغال به حتى يعود لبيته مرة أخرى بنفس الحرب المرورية التي قضاها الطالب ذهابا لمدرسته، ومع التلوث البيئي ومشاكل الضوضاء وغيرها.

أتذكر أن هناك نفس المعاناة كان يقضيها الأغلبية لسداد فاتورة الكهرباء على سبيل المثال، فكان الطابور يمتد إلى خارج البنك ويستأذن الموظف من دوامه ليغيب بالساعات، ويبدأ الطابور يتحرك بسرعة السلحفاة، وكل ذلك بسبب انحصار الخدمة على تقديمها حضوريا من قبل موظف الصرافة، واليوم حتى وإن ذهب أحدهم من سرير نومه ليسدد فاتورة الكهرباء فيعتبر من العقليات الرجعية، لأن الخدمة توفرت بكل اختصار وتوفير للوقت والجهد عن طريق «الأون لاين»، رغم أنها كانت محاربة ولم يكن هناك ثقة مع بداياتها، وكان أغلبيتنا يفضل طوابير البنك على أن يثق بهذه التقنية.

السؤال هنا: ماذا لو نجحت تجربة منصة مدرستي، وأصبح التعليم عن بعد يعامل معاملة التعليم الحضوري، وأصبحنا نعتاد على ذلك كل عام، وتخيلنا أنه أصبح من الأساسي في كل بيت توفير جهاز ودعم تقني كامل وإنترنت عالي السرعة ولا يحتاج إلى سداد، وكل ذلك ممكن، بل وسيصبح حلا دائما لأغلب الحالات التي ليس لديها القدرة لاصطحاب أبنائها للمدرسة يوميا، وتوفير أجود تقنيات التعلم عن بعد، بشكل له ثمرة تحصيلية.

فهل تخيلنا ولو لبرهة كيف ستكون حياتنا، مقارنة مع حياة زحمة الباصات وإزعاج الطرق، والحوادث والمتابعة المستمرة للطالب وتأثره سلبا بالعادات التي اكتسبها من زملائه بالفصل والمشكلات النفسية التي قد يتعرض لها وتبقى معه طوال حياته.

ألا تعتقدون أنه قد يأتي يوم «ونطقطق» على التعليم الحضوري، كما «نطقطق» اليوم على طريقة سدادنا للفواتير سابقا وغيرها مما كان حضوريا وأصبح عن بعد؟