لا يمكن لعلماء المسلمين ومؤسسات الفتوى (رابطة العالم الإسلامي والأزهر) الوقوف بصمت أمام حالة الارتباك التي خلفتها زيارة بعض العلماء إلى القدس. فأمام هذا الظرف، لا بد من إجماع رأي العلماء على تغليب المصلحة ودرء المفسدة. ذلك أن إهماله بدون إجابة ثم تركه بين اجتهادات فردية وتهافت الإعلام عليها سوف يزيد من اختلاف العلماء وربما خصامهم ومن ثم يزيد حيرة المسلمين بين ما يروج من مكاسب وبين خوفهم على هوية القدس وحق المطالبة بها.

ترى هل تصب هذه الزيارات في مصلحة الفلسطينيين أم أنها تزيد في ترسيخ الأمر الواقع للاحتلال؟ يروج أصحاب هذه الحملة، أنها سوف تساعد الفلسطينيين لكنهم لم يبينوا لنا كيف؟ فزيارتهم لم توقف تهويد القدس وتهجير المقدسيين منها، ولم تفتح الطرق أمام الفلسطينيين للوصول إلى المسجد الأقصى ومنع اعتداء المتطرفين اليهود عليهم. لذا فمن غير المعقول أن تمنع إسرائيل المقدسيين من الصلاة فيها بينما تسمح لعلماء من الخارج بزيارة محدودة لاستعراضها أمام كاميرات الإعلام.

وفي الجانب الآخر، فإن إسرائيل بكل المقاييس هي المستفيد الأكبر؛ ذلك أن أول ما سيخسره العرب هو إضعاف حجتهم بملكية الفلسطينيين للقدس ومسجدها الأقصى. حيث ستبدو إسرائيل أمام العالم صاحبة الحق في إدارة القدس كونها تكفل حق الزيارة لجميع أصحاب الأديان بما فيهم المسلمون! وبالتأكيد سوف تجني مكاسب مالية من الزوار العرب الذين سيقضون أيامهم في فنادقها السياحية.

لا أحد يطالب بتحريم زيارة القدس فمسجدها أولى القبلتين ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم وتشد إليه الرحال. ولكن ما يطلبه المسلمون هو منع زيارتها في الوقت الحالي. لذلك ألا تستوجب هذه الحالة من الالتباس قيام مؤسسات الفتوى والهيئات الإسلامية بتحمل مسؤولياتها وتصدر بيانا لدرء الفتنة توضح فيه أين المصلحة وأين المفسدة؟