لا يختلف عاقلان على ضرورة الحفاظ على البيئة ورعايتها وعلى ضرورة الاهتمام بمكتسباتنا الوطنية المتمثلة في استثمارات الدولة المستمرة لخلق بيئة نظيفة تليق بالوطن والمواطن، من توفير للحدائق العامة وزيادة مواقف السيارات والمساحات المخصصة للمشي وللتنزه، ولعلنا متفقون كذلك على وجود بعض التصرفات الشاذة سواءً من مواطنين أو مقيمين، والتي تتسبب في إرباك هذا النظام وتعيدنا للخلف في سلم المحافظة على البيئة، وتنتهك أخلاقيات الأماكن العامة عمدا أو سهوا، مما يدعوني للتساؤل عن الحلقة المفقودة في هذه المنظومة وإذا كان بالإمكان توظيف التقنية لمساعدة الدولة في مهمتها.

لعلي هنا أطرح اقتراحا يساهم في رفع كفاءة جهاز الشرطة البيئية، والذي تم استحداثه في بداية العام المنصرم، والذي يرتبط نظاما بمدير الأمن العام. تتلخص الفكرة في تضمين تطبيق «كلنا أمن» المميز أيقونةً خاصة للإبلاغ عن التجاوزات والمخالفات البيئية، بحيث يصور المبلِّغ الحادثة مباشرة ويرسلها من خلال التطبيق، وتستلمها غرفة عمليات إلكترونية توجهها للجهة المسؤولة عن المخالفة، على أن تطلق هذه الخدمة تجريبيا للإبلاغ عن تلويث البيئة ورمي المخلفات في الأماكن غير المخصصة لها، أو التخريب المتعمد للمتنزهات كبداية مع تحديث القائمة تباعا حتى تختفي هذه الظواهر المؤذية للبصر بتعاضد جهود المواطن والجهة المختصة.

إن منظر العمالة المنتشرة على جانبي الطرق وفي المتنزهات لالتقاط ما ألقاه هؤلاء الكسالى وغير الواعين مؤذٍ جدا على الصعيد الإنساني والاجتماعي، ولن يتغير ما لم نغيّر شيئا جوهريا في ذواتنا أولا وفي محيطنا ثانيا. ناهيك عن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لوجود هذه الأعداد من العمالة الأجنبية والتي لم نكن لنحتاجها بهذا الكم لو عالجنا الأسباب التي دعتنا لاستقدامهم.

ما دعاني لهذا الاقتراح هو ملاحظتي للجرأة والوقاحة التي لا يتورع معها البعض من تدمير المتنزهات بالمخلفات، أو تنظيف سياراتهم في الشوارع، فلا يوجد أسوأ من شاب يرمي عقب السيجارة من نافذة سيارته، أو شابة تقف بسيارتها في مواقف مجانية هيأتها الدولة لخدمة المواطنين لترمي كوب قهوتها الذي انتهت منه للتو، وعلبة مياه بلاستيكية بلا أدنى شعور بالخجل

أو الذنب. مثل هذه النماذج لا يؤدبها إلا القيام بخدمة مجتمعية مناسبة للجرم، أو دفع مبلغ مادي مجز مقابل هذه المخالفة لعلهم يدركون قيمة الأشياء التي يحصلون عليها بلا ثمن في هذا الوطن.