شهدت العلاقات الباكستانية السعودية العديد من التحديات، وقد صمد الشقيقان في وجهها مع المثابرة والرؤية المشتركة.

العلاقات الباكستانية السعودية فريدة من نوعها وتتجاوز العلاقات الثنائية التقليدية بين الدول، وهي متجذرة بعمق وذات أبعاد متعددة في التاريخ والإيمان والأمن والاقتصاد والرؤية المشتركة للتنمية والسعي من أجل السلام الإقليمي والدولي.

وفي السياق العام، تسترشد باكستان مكانتها في منظمة التعاون الإسلامي (OIC) من مبدأ الأخوة الإسلامية العالمية، وتعتبرالمملكة العربية السعودية منبع وجود منظمة التعاون الإسلامي. فالشعب الباكستاني يقدّرالمملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين يحظى بأعلى درجات التقدير في البلاد الذي يلتمس التوجيه من القيادة السعودية إزاء التحديات التي تواجه الأمة.

ترتبط المملكة العربية السعودية وباكستان من خلال حبل سري من الاحترام والأخوة المتبادلين. فمن دون الخوض في تفاصيل التاريخ المشترك للبلدين، من المناسب أن نذكر أبرز ملامح العلاقات الباكستانية السعودية.

نشأت العلاقات الحميمة بين البلدين الشقيقين منذ عام 1947، وهي متجذرة في المثل الإسلامية القديمة والروابط الثقافية والاقتصادية. ولقد نجح كلا البلدين في تطوير تآزر فريد من أجل التنمية المشتركة. باكستان هي الدولة الوحيدة التي أسست على الهوية الإسلامية والمملكة العربية السعودية باعتبارها مسقط رأس الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وموطن أقدس الأماكن الإسلامية، لها مكانة خاصة في قلوب شعب باكستان والدساتير في كلا البلدين مبنية على الكتاب والسنة.

يعود تاريخ العلاقات إلى عقود، حيث تم التوقيع على معاهدة الصداقة عام 1951. ومنذ ذلك الحين، لم يلتفت البلدان إلى الوراء، بل بناء عليها من خلال التعاون الوثيق في الشؤون السياسية والأمنية والدينية، وظل دعم المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي حول كشمير حجر الزاوية في هذه العلاقة المتنامية.

هناك مكانة خاصة للعائلة المالكة في باكستان وبين شعوبها، وهذا الارتباط الديني يسمح لشعب باكستان بالتماس الإرشاد وتبادل الأفكار مع علماء الدين في المملكة. فالدفاع عن المملكة والحرمين الشريفين جزء من عقيدتنا، ويعتبر واجباً بلا شك.

سياسياً، تعززت الروابط الباكستانية السعودية فوق الشخصيات والحكومات ومن أجل التعبير عن هذه الرابطة، تمت تسمية مدينة ليالبور من جديد إلى فيصل آباد تكريماً للملك فيصل، يرحمه الله، والعلاقات الاقتصادية النابعة من هذه الروابط الفريدة بين البلدين الشقيقين جعلت المملكة العربية السعودية من أكبر موردي النفط للباكستان (أكثر من 50 % من احتياجاتها)، وبعد التجارب النووية عام 1988، قدمت المملكة العربية السعودية زيتاً مجاناً ومن دون انقطاع، ولمدة أربع سنوات، كما قامت المملكة بتوريد النفط بنظام الدفع المؤجل لمدة عام واحد في 2019-20.

يبلغ عدد المغتربين الباكستانيين في المملكة العربية السعودية أكثر من مليوني شخص، ويساهمون في تحويلات مالية تصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً، وفي أوقات الأزمات والصعوبات المالية، لم تتردد المملكة العربية السعودية أبداً في دعم إخوانها وأخواتها الباكستانيين، سواء كانت زلازل أو فيضانات أو تحديات اقتصادية، فإن السعودية تقدمت دوماً بالدعم لباكستان.

فقط في السنوات الست الماضية وحدها، ظلت المساعدات السعودية في مشاريع التطوير البنية التحتية وإنقاذ الاقتصاد الباكستاني كبيرة وشملت ودائع مالية سعودية في باكستان بحجم 1.5 مليار دولار في 2014 وثلاثة مليارات دولار في 2018.

كما قامت المملكة العربية السعودية بتطوير إصلاحات التعليم العالي والمدارس الدينية في باكستان، وتشمل التطورات الأخيرة بمشاريع البنية التحتية والطاقة الكهربائية لمشروع نيلم جهلم بقيمة 100 مليون دولار وملايين الدولارات لإعادة التأهيل في مالاكاند وباجور وشمال وجنوب وزيرستان. كما تعهدت المملكة العربية السعودية بتقديم 21 مليار دولار كاستثمارات لمشاريع مختلفة.

كما كان لباكستان مساهمات في المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات.

* مستشار صحافي في القنصلية العامة لباكستان في جدة.