كانت هناك ممرضة أمريكية تدعى (كريستيان غيلبرت) قتلت في الفترة بين العامين 1990 - 1991 أكثر من 30 مريضاً حطت بهم أقدارهم بين يدي رحمتها، فكانت تخلصهم من آلامهم بحقنهم بجرعة مضاعفة من المخدر عن القدر المسموح لهم فتتوقف قلوبهم عن النبض، ويأتي دورها لتبلغ حبيبها والذي كان يعمل حارس أمن بنفس المستشفى ومسؤولا عن نقل الجثث، وكان آخر ضحاياها بعد أن اتصل بها حبيبها وأبلغها أنه لا يستطيع مقابلتها بعد انتهاء نوبتهما وأبلغها بأنه «فاضي» حينها، فملأت وقت «فضاوته» بذهابها لأحد المرضى الذين يتأوهون وأنهت آهاته واستدعت حبيبها وقابلته «وهذا المهم» بالنسبة لها.

صحيح أن هذه الجرائم المتسلسلة هزت العالم آنذاك وما زالت الصحف حتى يومنا هذا تكتب عن تلك القاتلة التي حكم عليها في عام 2001 بالسجن المؤبد أربع مرات، دون إطلاق سراحها نهائيا، ولكن هذه الجرائم يقال إنها حدثت بسبب (الحب)، وهذا يجعل ما حدث غير مستغرب، لأن المحب يمشي بلا عقل.

وهذا ما جعل زعيم العصابة في المسلسل الإسباني (البروفيسور) يشترط على المحترفين للانضمام إلى عصابته أن «لاحب بين أعضاء الفريق» وبعدها أحب هو «برأسه» الضابطة المسؤولة عن إنهاء جريمته بالسطو المسلح على (دار السك الإسبانية) «مطبعة الفلوس» بتفاوضها معه حتى تلقي القبض عليه أو تقتله، فأحبته هي بدورها وتركت الشرطة وتركت إسبانيا «بكبرها» وترك هو الأموال ليلتقي المحب بحبيبته في إحدى جزر «الفلبين».

صحيح أنه مسلسل درامي إلا أن كلاً منّا يعرف قصصا درامية سببها (الحب)، تجعل الأم الضعيفة التي تخاف من «الصراصير» تتحول إلى وحش كاسر إن اقترب أحد من طفلها، وغيرها من أساطير المحبين التي تجعل الحدود تكسر والقوانين تخرق والدنيا تنقلب رأسا على عقب.

وبالعودة إلى موضوع تلك الممرضة التي تقتل مرضاها لترى حبيبها، فهل هناك أحد منّا على استعداد أن يقتل مرضاه ليقابل حبيبته، هل هناك أحد منّا على استعداد أن يقتل ما لديه من «تكبر» و «عناد» و «كذب» و «خداع» وكلها صفات مريضة ليقابل زوجته على صفاء الحب، والعكس صحيح، وقس على ذلك آلاف الأمثلة بين الابن وأبيه والفتاة وأمها والجار وجاره و..... و...... إلخ، من كل من هو بحاجة منّا أن يقتل مرضاه ليقابل حبيبه.

إن المشاكل التي تجعلنا نكره بعضنا أننا لم نعش «الحب»، فمن يحب لن تمنعه جيوش الأرض، ولا كنوز الأرض ستأتي به إن لم يحب، ولكن (الحب) كالنار الهادئة قد تهب عليها عواصف الشتاء الباردة فتجعلها رمادا، وقد تجد تلك النار من «ينفخ» على جمرها كلما هدأت لتستمر نار (الحب) تلك مستعرة.

نظرة للسماء: يقول الحلاج (الناس موتى وأهل الحب أحياء).