ما زال حاضراً، ومتغلغلاً في جميع مناحي الحياة، وتتوق الغالبية لمعرفته وشد رحالهم إليه، وبذل الغالي والنفيس، ليكون لهم عوناً وسنداً، ففي يديه المفاتيح السحرية العجيبة التي تفتح أبواب الجامعات المطبقة والمغلقة، والقبول في الوظائف الفريدة، والمراكز الرفيعة، والابتعاث لطلب العلم شرقاً وغرباً بلا قيد وشرط، وله القدرة على أن يختزل عنك المسافات الماراثونية في ثوان معدودة إذا كانت مدفوعة الثمن.

هذه أحوال الواسطة ومغامراتها في الدول النامية (العالم الثالث)، وشعارها واسطتك سلاحك، وليس شهادتك.

كما تتعدد وتتباين أسماؤها ورموزها لأهميتها في المجتمعات، ولكن يظل أكثرها شيوعاً، وصيتاً (فيتامين واو).

إنها الجانب المظلم والفاسد الذي يستوجب استئصاله ومحاربته على كافة الصعد، فالواسطة من أخطر مظاهر الفساد الإداري وأعظمها تفشياً وتمدداً، وتقوم بتفضيل الأقارب والأصدقاء الشخصيين بسبب قرابتهم وليس كفاءتهم، ولا تقبل (بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب)، وتعطي من لا حق له، وتحرم من له حق، وتكون بمقابل المال، وتارة تكون فوق القانون، وتارة أخرى واسطة بواسطة، وهكذا يتنافس الفاسدون في ميادينها الخبيثة، فتطمس التنمية، وتفلس اقتصاديات الدول.

ودمتم بخير.