لا فرق بين استغلال المتطرفين للأطفال بالأمس عبر تمرير رسائل مؤدلجة والاعتداء على طفولتهم، وبين الاستغلال اليوم في تحقيق أهداف مستغلهم، ولاسيما أهاليهم ممن يستهدف الاسترزاق، ولو على حساب براءة طفولتهم.

وبعد ما كنا نقدس الحياة الخاصة وحرمة المنازل، إذ بنا نرى «البعض» يتسابق في عرض «يومياته» حد انتهاك «خصوصياته» دون مراعاة لمانع أو عيب.

وبعد ما كان مجرد الأكل في الشارع خارما من خوارم المروءة، إذ بنا نرى في السناب أكثر من ذلك، ولا أدري كيف استرخص البعض حياتهم لأجل شهرة أو مال.

ولا أتكلم من منطلقات شرعية فحسب، ولا حتى قانونية كذلك، فالدولة ليست رقيبة على الناس حتى في منازلهم واستغلالهم لأطفالهم وانتهاكهم لقداسة حياتهم، إلا ما ظهر وصار ضرراً عاماً كقضايا الرأي العام.

وإنّما أتكلم من منطلق «أدبي وأخلاقي»، إذ كيف صار الجوال الذكي بلاءً على بعض السفهاء، وكيف أصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي ضارة بالمجتمع ومفرقة للشمل وهادمة للبيوت.

بل وبلغ الحد بالبعض للكذب في حياته الخاصة لإشباع نقصه والإثارة لجذب الجماهير الفضولية، ناهيك عن تجاوز الحدود الأخلاقية في عرض ما كان عيباً في بيئتنا المحافظة.

وبقدر تفهمنا لآثار الصدمة التقنية التي جعلت البعض غير متوازن، إلا أن قبول ذلك عند الكثير من الناس وشعورهم بالغيرة بدلاً من الاستنكار علامة خطيرة على مستوى التربية الفكرية والوعي السلوكي.