إنها لذكرى خالدة، يستلهم منها الناس إحدى أروع البطولات والتضحيات، إنها قصص توحيد الجزيرة العربية، لكن ماذا كانت البداية، وكيف كان الناس يعيشون؟.

لقد كانت القبائل تحارب بعضها بعضاً، وكانت الأمية الكبرى (أمية القراءة والكتابة) هي السائدة عند كثير من السكان، كان الناس يهاجرون إلى أماكن بعيدة بحثا عن لقمة العيش التي لم يجدوها سائغة في بلادهم، وكان الأمن والأمان ضعيفين، لا يأمن المسافر أثناء سيره من هجوم قطاع الطرق، البيوت مبنية من الطين، والدكاكين تنحني لسعف النخيل الذي بالكاد يمنعها ضوء شمس الظهيرة الحارق أو يحميها تهاطل المطر الغزير.

لم يكن ذلك الزمن بذلك السوء المحض، كانت نجدة المظلوم وإكرام الضيف من صفات من عاش، ولكن مع انعدام الأمن وشظف العيش وضعف التعليم لم يكن ليرضى الناس على واقعهم، بل أملوا في تغير الأوضاع إلى الأفضل، وهذا ما حدث قبل أكثر من 90 سنة، حيث لم يكن هناك ما يدل على تحسنها أو تبدلها، حتى ظهر ذاك الفارس على ظهر جواده الأشهب، طالبا استرجاع حكم آبائه وأجداده، قاطعاً الصحراء العربية الحارقة من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها.

وبعد جهد جهيد، وسعي حثيث وتعاون كبير بين الحاكم والمحكوم، أُعلن في اليوم الثالث والعشرين من سبتمر عام 1932 عن توحيد المملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك اليوم بدأت سلسلة لا متناهية من العطاء والنماء الذي عم القاصي والداني، وبدأت دولة البناء بالاهتمام بمواردها البشرية وبثرواتها والطبيعية.

ومع مرور الأيام تم تحقيق عدد من المنجزات الكبرى، وتمكنت المملكة العربية السعودية بفضل الله من أن تصبح من أهم الاقتصادات العالمية، نظراً لما تحتوي في باطنها من ثروات طبيعية أهمها البترول والغاز الطبيعي، حيث إن أكبر حقل بترول في العالم على اليابسة (حقل الغوار) يقع في شرق المملكة العربية السعودية، وأيضاً أكبر حقل بترولي على الماء (حقل السفانية)، إضافة إلى كثير من المنجزات التي قدمها أبناء المملكة في ميادين المعرفة والأبحاث العلمية التي لا تعد ولا تحصى.

ولعل تلك الإنجازات مما يُشعر المواطن بالفخر والعزة تحت قيادة حكيمة سعت وساهمت في وصول هذا الوطن إلى مراكز عالية مرموقة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والرياضية، لن تنقطع هذه الإنجازات، بل ستتزايد بإذن الله.