تتميز المملكة العربية السعودية بعدة عناصر ومقومات مهمة، قل ما توجد مجتمعة في دولة بعينها، فبلادنا الغالية، شرفها الله سبحانه وتعالى بأقدس مقدسات الإسلام (البيت الحرام، ومسجد الرسول الكريم) مما جعلها مهوى أفئدة المسلمين، وحباها بقيادة سياسية فذة، حكيمة، ومخلصة، كما حباها بموقع وعمق إستراتيجي هامين بين ثلاث قارات، وإطلالها على بعض من أهم الممرات المائية، ومواقع أثرية وسياحية جميلة ونادرة، إضافة إلى قوتها الاقتصادية وسعة رقعتها الجغرافية وتنوع طبيعتها، وطول حدودها وغيرها من المميزات.

واليوم، تحل على وطننا الغالي وقيادته وشعبه ذكرى عزيزة وغالية، ذكرى تاريخية مجيدة، ذكرى اليوم الوطني السعودي التسعين لتوحيد هذا الكيان الكبير، على يد المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - تحت مسمى المملكة العربية السعودية.

والمتتبع لتاريخ المملكة منذ صدور المرسوم الملكي الكريم رقم 2716 وتاريخ 17 /5 /1351 الموافق 19 /9 /1932، القاضي بتوحيد جميع أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم «المملكة العربية السعودية»، يجد أن المملكة، وبحساب الفترة الزمنية بين ذلك التاريخ والوقت الحالي، واجهت تحولات كبرى وتغيّرا جذريا بمقياس الإنجازات الكبرى في حجمها، ونوعها والمدة الزمنية التي أنجزت فيها.

وأهم تلك الإنجازات هو بناء الإنسان، إيمانا من الدولة بأن الثروة الفعلية، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، هو الإنسان، فهو أغلى ما تملكه أي أمة واستثماره بالتعليم والتدريب والتوجيه يُعدّ من أهم الإنجازات الوطنية، وقد استثمرت الدولة كثيرا من المال والجهد والوقت في بناء وتطوير القدرات البشرية، فتم إنشاء المدارس والجامعات والكليات ومراكز الأبحاث ومعاهد التعليم والتدريب، كما تم ابتعاث أعداد كبيرة من أبناء وبنات الوطن إلى عدد من دول العالم، حيث إن بناء العنصر البشري يشكل البنية التحتية لتطوّر الأمم والشعوب وتقدمها، ورُقِيّ المجتمعات البشرية، وهو كذلك السبيل إلى رفع الإنتاجية والارتقاء بنوعيتها وجودتها، والاستعداد الأمثل للعمل والمشاركة في المشاريع الضخمة والنوعية والخطط الرائدة في عدد من المجالات الهادفة إلى بناء وتقدم ورقي المملكة، ومواكبة ما يشهده العالم اليوم من تطور وتقدم في عدد من المجالات، والتوظيف الأمثل للموارد الطبيعية والصناعية، والاهتمام الأمثل بمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة والاقتصاد المعرفي المبني على العلم والمعرفة والبحث والابتكار وكفاءة العنصر البشري، واستخدام العقل في الإبداع والتطوير في شتى المجالات والتخصصات التي تلبي متطلبات العصر في شتى الميادين العسكرية والمدنية، والتقدّم الذي يضع المملكة في مكانها الصحيح والسليم بين دول العالم المتقدمة.

ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في 3 /4 /1436 الموافق 23 /1 /2015، وتولي ولي عهده وعضده الأيمن الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 26 /9 /1438، الموافق 21 /6 /2017 تغير الوضع تماما، فما كان حلماً بالأمس يلاطف إحساسنا تحوّل اليوم إلى حقيقة نشهد إنجازها وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان قائد الرؤية والتحول، حيث تشهد المملكة عدد من خطوات التجديد والإصلاحات والتحولات الكبرى، وضخ دماء شبابية جديدة في شرايين الجهاز الإداري والتنفيذي للدولة تزامناً مع حزمة من القرارات الحاسمة والإصلاحات الهيكلية للقضاء على الفساد وعلى ترهل الجهاز الإداري ورفع كفاءة وإنتاجية المنظومة الإدارية والفنية، بما يتناسب مع احتياجات العصر ومتطلبات الوطن والمواطن، وإعداد الخطط والإستراتيجيات الطموحة، الهادفة إلى تحويل المملكة إلى قوة اقتصادية واستثمارية عالمية، وإنهاء الاعتماد على النفط كمحرك أساسي للاقتصاد السعودي، وتأسيس بنية تحتية حديثة وقوية للصناعات الوطنية عالية الجودة، وتوطين التقنية، وتطوير السياحة في المملكة، وخلق فرص عمل مناسبة وغيرها.

لقد تحقق كثير من الإنجازات والتحولات وذلك بتوفيق الله سبحانه وتعالى ثم بالجهود المخلصة للقيادة الرشيدة، يؤازرها أبناء وبنات الوطن الأوفياء. وفرحة الوطن بهذه المناسبة الغالية تعبر عن عمق العلاقة والتلاحم الكبيرين بين القيادة والشعب السعودي الوفي، كما تعبّر عن تقدير المواطن والمواطنة للجهود والمنجزات التي تحققت في شتى المجالات.

وتعد المملكة من الدول المؤثرة والمساهمة عالميا في الدعوة للسلام وللحوار والاستقرار والتعاون البناء بين دول العالم، حيث تمكنت، القيادة السعودية، بسياستها الحكيمة ومهارتها في القيادة من إبراز دور المملكة على المستوى الإقليمي والعالمي أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا.

إنه توفيق الله سبحانه وتعالى ثم الإيمان القوي وبعد النظر والعبقرية الفذة لموحد هذه البلاد المباركة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، الذي لم الشمل ووحد الأمة في هذه البلاد المباركة بل هذه القارة، وخلّف لنا هذا الإرث العظيم، هذه الجوهرة الثمينة، هذا البيت الكبير الذي ننعم فيه بنعمة الأمن والاستقرار والرخاء، ونعيش فيه كأسرة سعودية واحدة تحت سقف واحد، وقيادة حكيمة واحدة، تحكم بحكمة وحنكة، وتصون إنجازات المؤسس العظيم وتحافظ عليها، وتواصل البناء والعطاء والاستثمار الأمثل في تعليم وتدريب وتأهيل الكوادر السعودية، التي تشكل البنية التحتية القوية للتطور والتقدم والإبداع، والوصول بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وبناء عصر جديد مشرق، بإذن الله، للوطن والمواطنين.