اليوم الوطني السعودي مناسبة عزيزة تتكرر كل عام نتابع من خلالها مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كافة المجالات حتى غدت المملكة وفي زمن قياسي في مصاف الدول المتقدمة، بل تتميز على كثير من الدول بقيمها الدينية وتراثها وحمايتها للعقيدة الإسلامية وتبنيها الإسلام منهجاً وأسلوب حياة حتى أصبحت ملاذاً للمسلمين، وأولت الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين جُل اهتمامها، وبذلت كل غالٍ في إعمارهما وتوسعتهما بشكل أراح الحجاج والمعتمرين من شتى بقاع العالم.

تعيش بلادنا هذه الأيام أجواء هذه الذكرى العطرة (ذكرى اليوم الوطني التسعين 90 ) في هذا اليوم نتذكر مناسبة خالدة ووقفة عظيمة تعي فيها الأجيال قصة أمانة قيادة، ووفاء شعب ونستلهم منها القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز "رحمه الله" الذي استطاع بفضل الله وبما يتمتع به من حكمة وحنكة أن يغير مجرى التاريخ وقاد بلاده وشعبه إلى الوحدة والتطور والازدهار متمسكاً بعقيدته ثابتاً على دينه وقيمه.

نستقبل يومنا الوطني ومملكتنا الحبيبة تحتفي باستدامة مسيرة نهضة تنموية، عهدت منذ مراحل التأسيس وحتى هذا العهد الزاهر الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، ولعل الراصد للمشهد الشامل يستدرك هذا المعنى في التطورات التي صاحبت كافة المجالات التجارية والصناعية والتعليمية والصحية والأمنية، التي ومنذ انطلاق رؤية المملكة 2030 ومشاريع التحول الوطنية وكافة الخطوات الإصلاحية التي صاحبتها، حيث جاءت هذه النقلات لتستشرف كافة احتياجات المستقبل، ومتغيراته التي ترتبط بتنوع مصادر الدخل ومجمل الآليات الحديثة التي تعنى بسياسات التعليم والتجارة وإنجاز كل الشؤون المرتبطة بتحقيق نهضة متسارعة وجودة حياة وقدرة دولة تستمر في تحقيق الريادة الشاملة.

لقد دأبت وقامت حكومتنا الرشيدة خلال هذا العام الاستثنائي خاصة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين، وكيف كان لذلك من أدوار بارزة أسهمت في تحقيق التوازن الاقتصادي والأمني ضد مختلف التحديات والتهديدات التي تواجه العالم، من خلال المبادرات الناجعة والجهود والتضحيات التي أسهمت أيضاً في احتواء واضح للآثار التي تسببت بها جائحة كورونا الجديد (كوفيد 19)، والتي هددت المنظومة الاقتصادية الدولية، وكذلك أرواح البشر، خاصة في البلدان الأقل قدرة على مواجهة آثار هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ الحديث عطفاً على عدم توافر الجاهزية المطلوبة في سبيل تحقيق التصدي لانتشار الفيروس، خاصة الأجهزة والأدوية ومختلف المتطلبات الصحية، ناهيك عن التموين اللازم لمواجهة ما تسببت به آثار هذه الجائحة على توقف الحركة الاقتصادية في تلك الدول، ولكن المملكة بحكمتها وحنكتها وحسن قيادتها وعبر الجهود التي بذلت من خلال رئاستها لمجموعة العشرين والاستراتيجيات والمبادرات التي قدمتها المملكة لرسم ملامح طريق السلامة والوقاية والأمل في الوصول للحل النهائي واللقاح الشافي الذي قدمت الدولة كل الدعم وكافة التحفيز بغية أن تستديم البحوث الرامية إلى التوصل إلى هذا اللقاح وأن يجد طريقه للنور ومن ثم التوافر لكل نفس بشرية، بغض النظر عن الظروف والزمان والمكان، فهذه المعطيات تعكس إحدى زوايا رؤية وطن صنع التاريخ ويرتقي بالحاضر ويرسم ملامح المستقبل.

​ومن خلال هذا اليوم فرصة ثمينة أن نغرس في نفوس النشأ معاني الوفاء لأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة فيشعرون بالفخر والعزة ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد منذ أن أرسى قواعدها الملك عبد العزيز - رحمه الله - ونعمّق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه الأمة حتى يستمر عطاء ذلك الغرس المبارك.

​وفق الله الجميع في رسم تلك الصورة المشرقة لما يزيد على قرن من الزمان خرجت فيه الجزيرة من أمم جاهلة متناحرة إلى أمة موحدة قوية في إيمانها وعقيدتها، غنية برجالها وعطائها وإسهامها الحضاري فخورين بأمجادها وتاريخها.

حفظ الله وطننا الغالي، ونصر الله جنودنا البواسل في كل حد ومكان يدافعون فيه عن الدين والوطن في ظل قيادة ملك المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.