مع تشبث حزب الله غير المنطقي واللا مبرر بحقيبة المالية عبر رفض المداورة في الحقائب الوزارية، والإقرار باحتفاظ الطائفة الشيعية بحقائب محددة في الحكومة قبل تشكيلها، معتمداً على قوة السلاح، ظهر عدد من الفرضيات لما يقومون به، ومنها: هل هذه المماطلة في تشكيل حكومة الرئيس المكلف مصطفى أديب هي لإنهاء المبادرة الفرنسية كي يحافظ حزب الله على مكتسباته التي حققها على مدى 20 عاماً بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري؟!

متجاهلين أن اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة، سيجعل لبنان بلا حماية ويضعه أمام لهب العقوبات الأمريكية القاسية، لأن ما تسعى إليه واشنطن هو إما تشكيل حكومة دون حزب الله، أو إسقاط مصطفى أديب وترشيح اسم آخر يستطيع مواجهة حزب الله مع فرض عقوبات جديدة.

إخماد الأمل

ذكرت فرضية أخرى: هل يسعى حزب الله إلى إخماد الأمل بحل الأزمة اللبنانية بشقيها السياسي والاقتصادي، وحينها يفرض ما يريده أمام المجتمع الدولي الذي يضيق الخناق عليه من أجل كبح ماكينة ميليشياته وعملياتها الإرهابية حول العالم؟!

وتؤكد هذه الفرضية أن حزب الله يحاول أن يظهر للجميع أنه لا يواجه مشاكل، مع سقوط المبادرة الفرنسية، مما يعني ذهاب لبنان إلى الهاوية، ومعها يتلاشى أي أمل بإنقاذ اللبنانيين من الجوع، في ظل الخطر الداهم الذي ينتظر البلد بالزوال، من خلال تغيير تركيبته الديموغرافية، مع استمرار الهجرة الكثيفة من لبنان، منذ فتح المطارات بعد إغلاق فيروس كورونا.

تشكيل الحكومة

مما لا مجال للشك فيه أن حزب الله يمسك بأساسيات لبنان، نظراً لأنه حليف استراتيجي لرئيس الجمهورية ميشال عون، وكذلك لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وأيضاً رئيس أكبر كتلة برلمانية جبران باسيل.

ويتحكم حزب الله في تشكيل الحكومات، فيأتي برئيس الحكومة الذي يريده كما حدث مع وزارة تصريف الأعمال حسان دياب.

فحزب الله متغلغل في كل الوزارات من خلال حلفائه مما وفر له تابعين وعقوداً حكومية جعلته متحكماً في الاقتصاد اللبناني.

وهنا يظهر تساؤل جديد، لماذا قد يتنازل حزب الله عن تلك المكتسبات لإنقاذ لبنان من الافلاس والعزلة؟ّ!

تعديل آليات الحكم

يريد حزب الله تعديل آليات الحكم بحيث يصبح شريكاً في السلطة التنفيذية، وبذلك ينتزع المثالثة التي سبق وتحدث عنها كثيراً الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله دون تعديل اتفاق الطائف.

وهو لا يثق الآن في أي حليف، بعد إعادة التموضع التي قام بها جبران باسيل وتعديل مواقفه الداعمة للحزب، والسبب سيف العقوبات الأمريكي المسلط عليه.

ومن هنا يسعى حزب الله إلى حماية نفسه على المدى المتوسط باقتناص المثالثة في ظل الفوضى الحادثة في لبنان. وتكريس الثلث المعطل، عبر رفض المداورة في الحقائب الوزارية، والإقرار باحتفاظ الطائفة الشيعية بحقائب محددة في الحكومة قبل تشكيلها.

عزلة دولية

ظهرت مخاوف من واقعية فرضية أن قراءة رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس عن ذهاب لبنان إلى جهنم في حال عدم تشكيل حكومة أديب، لأن ذلك يعني مزيداً من العزلة الدولية على لبنان، وعدم حصوله على المساعدة المالية، وبالتالي إفلاسه وإعلان اللبنانيين رسمياً جياعاً دون قوت أو عمل.