سلطت جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19) مزيداً من الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها كبار السن في المنازل، وذلك بالتزامن مع ما كشفته الأرقام العالمية عن ارتفاع معدل الوفيات بسبب الفيروس بين هؤلاء الكبار بشكل خاص، حيث بلغت وفيات الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاما، خمسة أضعاف المتوسط العالمي، وهو ما يُضاعف من معاناة كبار السن، ويجعل التضامن معهم الآن أمرا أكثر إلحاحا لوقف أي انتهاكات بحقهم وتقديم الدعم لهم.

وشهدت العقود الأخيرة تزايدا عالميا ملحوظا في الانتهاكات بحق المسنين والتي صُنفت باعتبارها «مشكلة خطيرة»، ويبدو أن هذه المشكلة ستستمر وتتفاقم لما تجده كثير من الدول من زيادة سريعة في نسبة الشيوخ بين السكان، فمن المتوقع أن يرتفع عدد الذين يتجاوزون سن 60 سنة إلى 1.2 مليار شخص حول العالم في العام 2025، مقارنة بـ542 مليونا فقط في 1995.

زيادة سعودية

على مستوى العالم العربي والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، زاد في حجم فئة المسنين لتشكل 4.8 % من مجموع سكان المملكة سنة 2000، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 10 % عام 2025، وإلى 12.9 % عام 2050، ويرجع ذلك إلى التقدم الصحي في المملكة في المقام الأول، والاهتمام بإجراءات الوقاية والعلاج التي أدت إلى ارتفاع متوسط الأعمار.

ومع هذا الواقع أصبح الأمر يتطلب اهتماما أكبر بالمسنين وتوفير برامج مختلفة تغطي احتياجاتهم ولا تجعلهم فريسة للإساءة أو الإهمال.

ويشمل انتهاك المسنين - كغيرهم من الفئات المعرضة للعنف الأسري - الانتهاك البدني والجنسي والنفسي والإهمال، ويضاف إلى ذلك رهاب الشيخوخة المنتشر، والذي يُعرَّف على أنه «الخوف من انحطاط الذات والموت المرتبطين بالعمر أو التحيز ضد كبار السن، والتمييز، وفي نهاية المطاف إنكار حقوقهم».

ابتزاز اقتصادي

يتعرض المسنون للابتزاز الاقتصادي بشكل خاص، حيث يتصرف أقاربهم ومقدمو الرعاية لهم في حساباتهم ومواردهم بتصرفات غير مناسبة، وتبين الدراسات أن 4 إلى 7 % من المسنين يعانون من أشكال الانتهاك في المنزل.

ويقع المسنون من الرجال تحت خطر انتهاك حقوقهم بنسبة تماثل تقريبا نسبة النساء، ولكن في المجتمعات التي تكون فيها النسوة بحالة اجتماعية مُتدنية فإن المسنات يصبحن معرضات لخطر العنف بشكل خاص.

وفي مرحلة الشيخوخة وما بعدها يقع على كثير من المسنين ذكورا كانوا أو إناثا انتهاكات داخل الأسرة منها: الحرمان من العائلة، والإهمال، والإساءة العاطفية، والإساءة الجسدية، والإساءة الاقتصادية، ويقع عليهم خارج الأسرة: الحرمان من الخدمات، وعدم وجود سياسة واضحة تتعامل مع حقوق المسنين واحتياجاتهم، وعدم إشباع الحاجات الجنسية.

ولأن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات حفاظًا على الروابط الأسرية وتقديرا لكبار السن وخاصة الآباء والأمهات، فقد أكدت المملكة باستمرار، بالخطوات العملية وأمام المحافل الدولية، أنها تضع حقوق المسنين على رأس أولوياتها، وذلك بتقديم الخدمات والتسهيلات كافة التي من شأنها توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم بما يحقق رؤية المملكة للتنمية المستدامة 2030.

مشروعات وقائية

أوضح السكرتير الأول في وفد المملكة الدائم في الأمم المتحدة محمد بن عبدالرحمن القاضي، أن المملكة أنشأت لجنة وطنية لكبار السن، تتولى وضع الخطط والمشروعات الوقائية والبرامج التوعوية الهادفة إلى تلبية متطلبات كبار السن.

وعن أهداف هذه اللجنة، بيَّن القاضي - في بيان المملكة خلال أعمال الدورة الثامنة للفريق العامل المعني بالشيخوخة في الأمم المتحدة - أنها تهدف إلى رسم السياسة العامة لرعاية المسنين، واقتراح الأنظمة واللوائح الخاصة بالمسنين التي تكفل لهم حياة اجتماعية كريمة وتعزز مكانتهم، وترسيخ الوعي بأوضاع المسنين وقضاياهم بما يكفل مكانتهم الأسرية والاجتماعية ويعزز دورهم الإيجابي، وتشجيع الأسرة وتقوية دورها في رعاية مسنيها.

وقاية من العنف

في البحث عن طرق للوقاية من العنف ضد المُسنين توصلت الدكتورة فاطمة الشهري، إلى عدد من الخطوات، منها: تعميق الوعي بحماية حقوق كبار السن، ووضع القواعد التنظيمية لحماية المسنين من العنف في المجتمع وفي دور الرعاية واكتشاف حالات العنف وإهمال المسنين والتبليغ المستمر عنها.

وطالبت الشهري، في بحثها «العنف ضد المسنين»، بتوفير خدمات الرعاية الاجتماعية للمسنين ومقدمي الرعاية، والتطبيق الفعلي للأنظمة التي تُجرم العنف ضد كبار السن وعقوق الوالدين وتشديد العقوبات على المُعنِّفين، وإشراك المسنين بأدوار قيادية وأساسية للوقاية من العنف ضد المسنين الآخرين.

وشددت على أهمية بناء شبكة اجتماعية من المسنين في الأحياء، والعمل مع المسنين لإنشاء برامج تمكنهم من أن يكونوا منتجين، وقبل كل ذلك توعية المسنين بحقوقهم باعتبارها أول طريق للوقاية.

وعن الخطوات الواجبة عندما يتعرض المسن للعنف، قالت: أولًا يجب التعرف على نوع العنف الذي يتعرَّض له وتقييم درجة الخطورة إذا ما كان العنف مُهدِّدًا للحياة أو مُسببًا لإعاقة أو أمراض مزمنة، ومن ثم التبليغ فورا عبر مركز تلقي بلاغات العنف الأسري بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (1919) وتقديم كافة المعلومات اللازمة لفريق العمل، ليتمكنوا بدورهم من التحرك السريع والصحيح لمعالجة القضية.

1.2 مليار شخص يتجاوزون الـ60 في 2025

542 مليون شخص تجاوزوا الـ60 في 1995

%4.8 حجم فئة المسنين في المملكة 2000

%10 حجم فئة المسنين في المملكة 2025

%12.9 حجم فئة المسنين في المملكة 2020

أشكال من انتهاكات حقوق المسنين

- الحرمان من العائلة

- الإهمال

- الإساءة العاطفية

- الإساءة الجسدية

- الإساءة الاقتصادية

- الحرمان من الخدمات

- غياب السياسات الواضحة للتعامل مع حقوقهم

- إنكار الحقوق

التمييز