تعتقد بعض النساء والفتيات أن الحرية مطلقة وأن بحثها عن السعادة يجعل لها الحق في أن تفعل ما يحلو لها حتى لو كان ذلك على حساب الدين والأعراف ومبادئ الذوق العام للمجتمع وهويته، وهذا ليس مبررا بلا شك، وتعظم الإشكالية عندما تصدر السلوكيات المخالفة ممن هن محسوبات على أهل العلم والمعرفة والثقافة وممن يحملن الشهادات العليا، فإحداهن تصور جزءا من جسدها المكشوف وملابسها الضيقة معللة ذلك بأن سعادتها ورضاها عما تفعله هو الأهم! وأخريات يلبسن الشفاف والقصير والضيق ويخرجن للأماكن العامة- وربما يصورن أنفسهن- مستفزات للمجتمع ومخالفات لائحة الدوق العام ودستور الدولة بقيمه العليا وما صدر من قيادتنا الرشيدة بشأن وضوح القوانين الشرعية وتأكيدها أن ملابس المرأة لا بد أن تكون محتشمة ومحترمة مثلها مثل الرجال، ولا مكان بيننا لمنحل أو متشدد.

الحقيقة أن مثل تلك التصرفات الدخيلة على مجتمعنا من بعض النساء هي بسبب تدني قيمة الإنسان وتقديره واحترامه لذاته مما جعلها تظهر على السطح وأمام الملأ، وهي تصرفات ينبذها كل العقلاء من كل الديانات والأمم ولايقرونها - وهنا يحضرني قرار ملكة بريطانيا (اليزابيث الثانية) عندما فرضت الملابس المحتشمة على ضيوف حفل زفاف حفيدها "هاري" قبل عامين - والمرأة حينما تظهر بأي شكل من الأشكال ومن خلال أي وسيلة بمظهر لائق ومحترم فسيحترمها الجميع تلقائيا، وبعض الدراسات تؤكد أن انطباع الآخرين عنك يعتمد بنسبة كبيرة على مظهرك، والالتزام باللباس المحتشم قبل كل ذلك هو شريعة ربانية يجب أن تتمثل لها كل امرأة بالغة وعاقلة بالسمع والطاعة والتسليم بتكاليف هذا الدين الذي آمنت به وارتضته لنفسها، وهذه الشريعة بلا شك وجدت لتحفظ كرامتها وتعزز بناء قيمتها العليا لتحقق السعادة ورضا خالقها الذي فطرها على الفطرة السوية وهو أعلم بما يصلح لخلقه وهو أرحم بهم من أنفسهم وفي نفس الوقت وجدت لتمنع إيذاء الآخرين والتعدي عليهم بأي طريقة كانت.

وجدير هنا أن أشير إلى ما قالته المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكة 1913 - 1999) في كتابها (الله ليس كذلك) وهي بالمناسبة من أشهر المدافعين عن الإسلام في الغرب حيث تقول في الفصل الرابع وهي تتحدث عن تكريم الإسلام للمرأة وتنصحها في أحد المؤتمرات "إذا أرادت المرأة العربية طي الماضي بخلعها الحجاب فلا ينبغي عليها أن تتخذ المرأة الأوروبية أو الأمريكية أو الروسية قدوة تحتذيها أو أي فكر آخر يفقدها مقومات شخصيتها، وإنما ينبغي عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل وتسلك سبيل السابقات من السلف الصالح المنطلقات من قانون الفطرة التي فُطِرن عليها". (بتصرف).