وعلقت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم، الدكتورة سمية السليمان حول موضوع الهوية السعودية في العمارة، وحضورها أو غيابها، قائلة «لدينا هوية، ولكن لم نستطع التعبير عنها بالشكل الصحيح».
الهوية الواضحة
كانت هوية عمارة الشعوب واضحة وتعكس خصائصها في الماضي، لكن هذه الهوية تلاشت اليوم بفعل العولمة، وتكرار الأنماط، وغزو المفاهيم الغربية للعمارة، حيث باتت المباني العالية تنتشر في كافة المدن، كاسرة أنماط الخصوصية والهوية، خصوصا مع سيطرة المباني الخرسانية وكتل المباني الشاهقة على التفكير المعماري ليس محليا فقط، بل على المستوى العالمي.
ويعزي متخصصون في العمارة الأمر إلى أن العولمة والانفتاح وتكاثر الشركات العملاقة المتخصصة في البناء وعملها على نطاق أكثر من دولة، بات يكرر التصميم العمراني الذي قد تشاهده في دبي مثلا، وترى مثيله بالتطابق نفسه في أربيل أو باكو أو غيرهما من المدن، والذي يعمم لنشهد مثله في معظم مدننا محليا.
ولا يرى هؤلاء عيبا في الأمر، إذ يأخذ الناس من بعضهم بعضا، وهو ما يفسر انتشار التشكيلات المعمارية المتشابهة في كل المدن السعودية، خصوصا مع ميل كثيرين إلى أن التغريب بات يرمز إلى التقدم والتطور.
التصميم المعبر
يركز تصمم المنازل في المجتمعات العربية على التعبير عن الترابط الأسري، وتقوية أواصر علاقات أفراد العائلة ببعضهم بعضا، إضافة إلى أنه يلبي احتياج الشعور بالأمان للإنسان.
وقال الكاتب كلير ماركوس في كتابه «المنزل مرآة للذات»، «المنازل هي تعبير عن الذات، وسفينة للذكريات، وملجأ من العالم الخارجي».
ويعلق حساب الناقد المعماري في تويتر على الأمر في حديث لـ«الوطن» بأن جائحة كورونا ألقت بظلالها على التوجهات في تصاميم المباني السكنية محلياً، فقد أصبحت الصالة العائلية هي المحور الأساسي في تصميم المنازل، وهذا تحول مهم، بعدما كان الاهتمام السابق ينصب على الأماكن المخصصة للضيوف، فأصبح مالك المسكن يولي اهتماما بالغا لمساحة الصالة العائلية، واتساعها، وامتدادها البصري نحو الداخل والخارج، وإضاءتها الطبيعية، وإطلالتها على الحديقة، وهذا ما منح أهمية لتبني المعماريين فكرة التصاميم المفتوحة ذات المرونة العالية، والتي تمنح للساكن حرية استغلال الفراغات ودمجها مع بعضها البعض، وإلغاء الأبواب والحوائط التي تحد من الامتداد البصري بين الفراغات.
لكنه يرى أن الأمانات والبلديات يمكنها التدخل للتحفيز على الحرص على هوية معمارية منسجمة أو خاصة بكل منطقة، ويقول «ما يعيب على أنظمة البلدية أنها لم تواكب المتغيرات التي فرضت نفسها على تصميمات المباني وهوياتها العمرانية، فرغم تطوير البلدية نظام المباني السكنية فيما يخص نسب البناء والارتدادات قبل قرابة العامين، إلا أن تفاصيل هذا النظام بحاجة إلى المراجعة والتطوير لمنح حرية أكبر للمعماري في الإبداع، وتوفير بيئة سكنية مستدامة من دون أي عوائق تنظيمية».
تغييرات فرضتها كورونا
عندما اجتاح العالم فيروس كورونا، وأُغلقت أبواب المدارس، والجامعات، ومكاتب الأعمال، ومراكز التسوق، والترفيه، ولم يتبق لدى الناس خيار إلا البقاء في منازلهم، وأصبحوا يعملون ويدرسون من غرفهم، وباتوا يبحثون في منازلهم عن سُبل للترفيه، مما جدد التفكير في تصميم المنزل، وبالتالي فالأثر الذي تركته الجائحة سيلقي بظلاله على الهوية المعمارية وتصميم المنازل لاحقا، وربما هنا تتدخل البلديات لتفرض أنماطا تساعد في التعامل مع الجوائج والأزمات مستقبلا.
مؤثرات
أثرت عوامل تغير الثقافة واختلاف السلوكيات، والتغيير الاجتماعي والعادات المكتسبة الجديدة للمجتمع على النمط العمراني السعودي، فبعد الحرص الشديد على الخصوصيات مثلا وتأثيره على أحجام النوافذ والواجهات، بات الميل اليوم أشد نحو الواجهات الزجاجية والنوافذ الواسعة جدا، وباتت الشوارع واسعة لتستوعب السيارات، وترك هذا أثره على أساليب وأنماط البناء، ففقدت العمارة أصولها المتوارثة، وباتت تميل نحو تقليد الأنماط الأخرى، خصوصا أن المهندسين العاملين في المملكة أغلبهم من المقيمين الذين يأتون بأنماط عمرانية عرفوها في بلدانهم، وحتى المهندسين السعوديين أرسلوا في بعثات للخارج وعادوا بالأنماط التي عرفوها في الغرب. عدا إن كان هناك ميل للبيوت الكبيرة المستقلة في الممكلة، نشهد اليوم تحولا نحو الأبنية المشتركة بكل ما تعنيه من تخفيض في التكاليف. وتخفيض التكاليف لعب دورا آخر مؤثراً جعل كثيرين يميلون إلى استنساخ وتكرار الأعمال المعمارية توفيرا للمال.
أسباب تغير الهويات المعمارية
المفاهيم الغربية للعمارة حيث غزت المباني العالية
تلاشي أو تقلص الخصوصية الذاتية في جوانب الحياة
امتزاج الأنماط المعمارية وتداخلها
تغير ثقافة المجتمع وسلوكياته
ارتفاع تكاليف البناء أثر على تصميمه
تأثر الهندسة المعمارية محليا بالمهندسين غير السعوديين
تأثر المهندسين السعوديين بدراساتهم في الخارج
ظهور شركات البناء الكبرى ونشاطها في أكثر من دولة