منذ أن بدأ ذاك الوباء المعروف بكورونا يتفشى بدول العالم توجهت منظمة الصحة العالمية إلى الإنذار والنصح لمنع انتشار الفيروس. ومن الإرشادات إغلاق الدول والمدن والأحياء، تلك التجربة الفريدة والأولى بالحجم على المستوى الدولي.

وحينها أصيب الناس بالذهول وسمعنا تعليقات زعماء دول عن وداع الأحبة، وعن توقعات بأعداد وفيات قياسية، وأقفلت الحدود وتوقف الطيران وأغلقت الأسواق وألغيت المحافل ومنعت التجمعات، وقد ذهلنا من سماع أن سعر النفط وصل إلى الصفر بعد توقف المواصلات في بعض الدول. كما رأينا الصين تبث أخبارا برش مبيدات للتعقيم في الهواء وعلى واجهات المباني ومن بناء مستشفى بسرعة قياسية، كما سمعنا عن انغلاق فتحة الأوزون التي لها علاقة بالاحتباس الحراري، وعن حديث لبل غيتس مؤسس شركة مايكرو سوفت المعروفة يشير فيه إلى مجسات إلكترونية توضع بيد كل البشر على الأرض.

وانتشرت نظرية المؤامرة والحكومات الخفية لا سيما أن الصين منبع المرض أخفت لشهور علمها به، ومن أعراضه، ومنعت فحص المختبر المشتبه أنه صاحب نقطة الصفر، بل على العكس أكدت بطريقة غير مباشرة أنها المسؤولة بالرفض من التحقق وادعائها بأنه مؤامرة عليها، مما وضع منظمة الصحة العالمية في موقع الاشتباه من التواطئ، وأوقفت الولايات المتحدة دعمها لتلك المنظمة.

وماذا بعد ذلك كله؟ ما تعلمناه من هذه التجربة العالمية الاستثنائية أننا اكتشفنا ألا أحد كان يعلم ماهية هذا المرض الذي حذرت منظمة الصحة العالمية منه أو من استطاعة الدول الأولى بالاقتصاد والأبحاث مواجهته، وإيجاد علاج أو لقاح ضده له بفترة قصيرة، وأن التعاون بين الدول في حال أمراض مشابهة غير موجود عند وجود نقص في المواد الطبية، كما أن الدول المختلفة تدربت على الإغلاق للاقتصاد ومنع تنقل الأفراد.

وعلمنا أيضا أن فيروس كورونا بالفعل لا ينتقل بالهواء ولا يحتاج إلى تعقيم الأسطح ولا يذهب بحرارة الجو كما ادعي بداية، وأن تطبيق قواعد التباعد أفضل من الإغلاق، والأهم مما تعلمناه كله أن ليس كل ما يصدر من تلك المنظمة العالمية صحيحا أو دقيقا بالضرورة وهو بمثابة اجتهاد، وأن العالم كان حقل تجارب ونتمنى ألا يكون تهيئة لشيء قادم.