أغلقت المقاهي والمطاعم أبوابها في بلجيكا في إجراء يستمرّ شهراً وسيؤثر بشكل كبير على هذا القطاع الحيوي، وعزته الحكومة إلى الارتفاع الكبير لعدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد توازياً مع تزايد عدد حالات الاستشفاء الناجمة عن المرض. في حين سبق أن تلقى القطاع ضربة قاسية جراء 3 أشهر من الإغلاق بين منتصف مارس ومطلع يونيو. ولم تفتح إلا المؤسسات التي تقدم طلبات خارجية أبوابها، لا سيما في الحي الأوروبي في بروكسل، لكن هذه تشكل استثناء. ومنذ أن أعلن عن الإغلاق الجمعة، مرفقاً بحظر تجول منذ منتصف الليل وحتى الساعة الخامسة صباحاً (اعتباراً من مساء الإثنين)، أطلق مسؤولون في قطاع المطاعم الصرخة، معتبرين أن الإجراء سيشكّل "كارثة" عليهم.

وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دو كرو مساء الجمعة عن قرار إغلاق المقاهي والمطاعم لأربعة أسابيع، على خلفية التفشي "المطرد" كما قال للوباء في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 11,5 مليون نسمة. وسيجري تقييم فاعلية الإجراء بعد الأسبوعين الأولين من تطبيقه. وقال خبراء مركز الأزمة الوطني حول الوباء إن عدد حالات الإدخال إلى المستشفى "يتضاعف حاليا كل 7 أيام". وحذر خبير الأمراض المعدية والمتحدث باسم مركز الأزمة إيف فان لايتم من أن "الوضع حرج بشكل خاص في والونيا (في الجنوب الناطق بالفرنسية) إذ منذ السبت 17 أكتوبر، سجلت حالات استشفاء مساوية لما سجل خلال ذروة الموجة الأولى، ولم يعد منحنى حالات الاستشفاء مستقيماً".

أسوأ بكثير

وتوقع دو كرو في حديث تلفزيوني بأن الوضع "سيواصل التدهور"، داعياً البلجيكيين إلى "التقليل للحد الأقصى من التواصل غير الضروري" من أجل صون قدرة المستشفيات على استيعاب المرضى و"معالجة جميع" من هم بحاجة للعلاج. وقررت مؤسسات التعليم العالي في المملكة الحد من عدد الطلاب المسموح بتواجدهم في الجامعات اعتباراً من الإثنين، إلى نسبة 20% من قدرتها الاستيعابية القصوى. وتسجل الإصابات الجديدة بكوفيد-19 خصوصاً لدى أصحاب الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاماً.

أوروبا تشدد القيود

اتخذ عدد من الدول الأوروبية تدابير جديدة في محاولة لاحتواء الموجة الثانية من وباء كوفيد-19، في وقت تخطى عدد الإصابات الإجمالي حول العالم الأربعين مليوناً. يأتي تسجيل الأربعين مليون إصابة عالمياً بعد ساعات من تجاوز عدد وفيات الوباء الـ250 ألف حالة في أوروبا، وفق تعداد أجرته فرانس برس، فيما يواصل كوفيد-19 تفشيه بدون هوادة في القارة. وتحاول العديد من الحكومات تفادي إغلاق كامل جديد كالذي فرض إبان الموجة الوبائية الأولى، إذ لا تزال تكافح لإنعاش اقتصاداتها المتضررة، مع ذلك، تثير القيود الجديدة على الحياة اليومية غضب السكان في بعض الدول.

وأعلنت إيطاليا، البؤرة الأولى للوباء في أوروبا، أيضاً عن قيود جديدة، كالإغلاق المبكر للحانات والمطاعم والتشجيع على العمل من المنزل. وقال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي "لا يمكن أن نضيع الوقت"، معلناً أيضاً عن قيود على مباريات كرة القدم للهواة وعلى المهرجانات المحلية.

في بولندا التي بات نصفها مصنفاً "منطقة حمراء"، أعلنت الحكومة أن الملعب الوطني سيستخدم أيضاً كمستشفى ميداني لعلاج مرضى كوفيد من أجل تخفيف الضغط عن المستشفيات.

الموجة الثانية

فرضت سويسرا بدورها وضع الكمامة في الأماكن العامة الداخلية ووضعت قيوداً على التجمعات العامة بعدما تضاعف عدد الإصابات خلال أسبوع. وقال وزير الصحة السويسري آلان برسيه "الموجة الثانية وصلت، أبكر وأقوى مما توقعنا، لكننا مستعدون لها".

وفرضت فرنسا في مطلع الأسبوع حظر تجول ليليا في 9 مدن من بينها باريس، مما أثر على 20 مليون شخص، وفيما تفرض الدول الأوروبية قيوداً جديدةً، خففت ملبورن ثاني أكبر مدن أستراليا الإغلاق الإثنين، فتدفق السكان إلى صالونات تصفيف الشعر وملاعب الغولف التي أغلقت لأكثر من 100 يوم. وارتفع عدد الإصابات اليومية إلى 700 في أغسطس في ولاية فكتوريا التي عاصمتها ملبورن، لكن بعد أشهر من الإغلاق الصارم انخفض العدد إلى إصابة واحدة في اليوم وسجلت 4 إصابات جديدة فقط الإثنين. وفيما سُمح لسكان ملبورن البالغ عددهم 5 ملايين نسمة بمغادرة منازلهم لأكثر من ساعتين في اليوم للمرة الأولى منذ يوليو، أمرت السلطات المطاعم ومعظم شركات بيع التجزئة الأخرى بالبقاء مغلقة حتى نوفمبر على أقرب تقدير.

العيش بشكل طبيعي

وسط هذه الظروف، يبقى إيجاد لقاح الأمل الأكبر للعالم، وأعلنت الأمم المتحدة الإثنين عن خطة لتخزين مليار حقنة عالمياً بحلول نهاية 2021 لهذا الهدف. وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) هنرييتا فور إن "تلقيح العالم ضد وباء كوفيد-19 سيتحول قريباً لأكبر عملية تلقيح جماعية في تاريخ البشرية، وسيكون علينا التحرك ما أن يبدأ إنتاج اللقاحات".