«الأوطان لا تموت من ويلات الحروب،

ولكنها تموت من خيانة أبنائها..!

الوطن ليس راتباً ولا وظيفة،

ولا فندقاً نغادره حين تسوء خدماته،

ولا مطعماً نذمه حين لا يروق لنا طعامه..!!!

الوطن شرف وعز وانتماء وولاء..

صباح عز الوطن..

وصلتني هذه الرسالة من أحد القراء الصديق (محمد السعيد) والتي لا أعلم إن كانت العبارة له أو منقولة، غير أنني أزعم أنها ستثيركم كما أثارتني لكتابة هذا المقال.

تتعدد صنوف الخيانات، ابتداءً من بيوتنا الصغيرة حين يسرب أحد أفراد الأسرة ملفات وقضايا البيت إلى أطراف خارجية قريبة كانت أو بعيدة، ومنها حين يتنقص أحد أفراد الأسرة-وخاصة كبارهم- بكيان البيت مما ينطبع سلباً في أذهان الصغار، وحين يهزأ أحد الزوجين بأحدهما أمام الأطفال مما يسقط في أعينهم رموز البيت (الوالدين)، وعلى أثر هذه الممارسات وغيرها تتصدع ثم تنهار تلك البيوت. هناك خيانة أخرى في بيوتنا قد لا ندرك شناعتها ومآلاتها وتتمثل في تنشئة الطفل على التهكم على الوطن ونشيد الوطن ومناسبات الوطن ومكتسباته من باب «الطقطقة» التي تعارض قيم الوطنية والمواطنة لدى الصغار، الذيم هم مستقبل الوطن ورأس ماله.

الكثير وربما الكل يحرص على تربية الطفل على احترام البيت الصغير (المنزل) ورموزه من الوالدين وبقية أفراده، وهذا رائع لكن هل الكل حريص على ذات الأمر في تقدير البيت الكبير (الوطن)، سيما إذا كان هذا الوطن توجد بين جنباته مقدسات يتجه نحوها مليارا مسلم في صلاتهم وحجهم، المتمثلة في ركنين عظيمين في الإسلام، فضلاً عن مسجد النبي وموطن سيرته ﷺ وصحبه الكرام.

هذا الأمر يقودنا إلى العلاقة بين خونة البيوت الصغيرة وخونة البيوت الكبيرة (الأوطان).

نحن ننقد أداء المؤسسات الحكومية في أكثر من مناسبة ومقال، حباً في الوطن وكيانه، ونحفظ لقيادته التقدير الأعظم، فهم أول المرحبين والمحتفين بالنقد بل والمطالبين به. هناك فرق بين من ينقد وبين من يستغل الثغرة ويجعلها طريقاً للإساءة للوطن وقيادته. هناك من يحاول دس سمومه بين أفراد المجتمع من خلال إبراز إخفاقات أداء المؤسسات الحكومية ليجعلها وسيلة لإقناع عوام الناس بالعداء للوطن وزعزعة الثقة به.

بيننا أناس مندسون يحاولون جعل أتفه القضايا كـ (المطبات) وحفر الشوارع وغيرها وسيلة لتأليب الشارع العام على بغض الوطن، ووسيلة لإثبات صدق دعواهم ضد كيان اسمه المملكة العربية السعودية.

بيننا أناس مندسون يستميتون لتضخيم أي قضية في بلدنا، والتي لا تخلو منها الدول الكبرى والمتقدمة، وحين تنظر لواقعهم تجد أنه لم تسجل في سجلاتهم خدمة اجتماعية تطوعية واحدة كما يفعل مواطنوا تلك الدول، التي يستدلون ويفخرون بها كأنموذج ونبراس لهم.

عزيزي المغيّب والمندس بيننا أو حيث كنت، الوطن كما قال صديقنا (السعيد) ليس فندقاً نغادره حين تسوء خدماته، ولا مطعماً نذمه حين لا يروق لنا طعامه.. الوطن شرف وعز وانتماء وولاء..وكفى.