هي التي تمنح الإنسان المعارف والثقافة المتميزة، وتساهم في إثراء التفكير وطرق التعبير، وتدخل السرور والراحة للقلوب والنفوس عندما يشعر القارئون بحصولهم على معلومات متجددة تزيد من عمق مخزونهم الثقافي والعلمي، وتساعدهم في حياتهم وعلاقاتهم الإنسانية.

وهي أقوى أسلحة الإنسان الفكرية، وتمده بنظرة ثقافية يستطيع بها قراءة وتذوق ما وراء السطور علمياً وأدبياً وفنياً، ولا يمكن له أن يملك إطارا معرفيا يستند عليه عند التفسير والتحليل والاستنباط وتشكيل وعي حقيقي، ليزوده بقدرة تنبؤية عميقة ورؤية أوضح وأدق، إلا بناءً على عمق قراءته واطلاعه، والتي تذهب لسبر أعماق المعنى وتجلياته، وبناء الرصيد المعرفي وملكات التفكير النقدي.

إن القُراء العميقين أكثر تفكيرا وتأملا فيما حولهم، وبإنماء هذه القراءة وإشاعتها بين الناس يمكن بناء ذواتهم ومكافحة الجهل والأمية وفقدان الأمل.

وبها نستطيع ردم الفجوة الواسعة بين واقع الحياة وقدر معرفتنا بها، ومدى خبرتنا في التعامل معها والتقليل من حدتها، فهي تؤدي دورا مؤثرا في إيقاظ وعي الفرد وتوجيه سلوكه وتعميق إدراكه بمكامن الحياة الحقيقية والأصلية. فالقراءة المتعمقة هي الزاد العظيم الذي يثري الخيال بكلمات وصيغ لغوية جديدة، ويهب للإنسان عقلا أكثر انفتاحا.

والقارئ بانتظام وعمق لديه مقاومة قوية ضد التوتر والأرق والوحدة والخرف، فالقراءة صنوان التفوق والسلامة وغِنى المهارات المعرفية، وبها نمت العقول والحضارات وازدهرت الأمم، يقول الفيلسوف فولتير (لقد سُئلت عن الذين سيقودون البشرية فقلت: (الذين يعرفون كيف يقرؤون).

وهناك آلاف الكتب والقصص والروايات والمقالات التي غيرت مسار حياة ومشاعر أفراد ومجتمعات عند قراءتها بعمق ووعي واستيعاب، فجعلتهم في الصدارة والطليعة بلا منافس في عدة ميادين ومجالات حضارية.