كنت وما زلت أؤكد أن القيادة حريصة كل الحرص على دعم التعليم وطلبة العلم في مختلف المستويات التعليمية الجامعية وما دون الجامعية، وأن قرارات مجلس الوزراء الداعمة والمساندة للتعليم والاستثمار في التعليم تؤكد توجه القيادة السعودية السليم في تعليم مواطنيها والمقيمين على أرضها. ولم يقتصر دعم الدولة على التعليم الحكومي وإنما تجاوزه إلى دعم وتشجيع التعليم الأهلي والذي ظهر جلياً في خطط التنمية السعودية، وأكبر دليل على ذلك توجيه مجلس الوزراء مؤخراً للجهات الحكومية المعنية باتخاذ ما يلزم لدعم التعليم الأهلي وذلك من خلال تسهيل حصول المستثمرين على أراض بأسلوب حق الانتفاع كما وجه مجلس الوزراء مؤخراً بضرورة تسهيل حصول المستثمرين في التعليم على موافقة الجهات الحكومية على بناء المدارس الأهلية على الأراضي المملوكة لهم أو المخصصة للتعليم. وقد أتى توجيه المقام السامي بناء على توصيات اللجنة المشكلة بأمر سام يتضمن دعم إشراك القطاع الأهلي في قطاع التعليم العام بالمملكة. وتضمن توجيه مجلس الوزراء تسهيل الحصول على تأشيرات الاستقدام للمعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية ومشاركة صندوق تنمية الموارد البشرية في رواتب المعلمين والمعلمات السعوديين وتضمن التوجيه تسهيل تمويل المدارس الأهلية (طبقاً لآليات مناسبة) ومراجعة الجهات ذات العلاقة للإعانة المالية السنوية للمدارس الأهلية وآليات تقويمها وفق معايير مالية وفنية لرفع كفاءتها وجودة مخرجاتها، بالإضافة إلى شراء المقاعد الدراسية والقسائم التعليمية مقابل رسوم دراسية تتكفل بها الدولة طبقاً لما هو معمول به في التعليم العالي بالمملكة وفي عدد من الدول.
توجيه هادف له بعد تنموي يستحق شكري وتقديري كمواطن وكمستثمر في التعليم النظامي والجامعي والدراسات العليا. لقد سبق أن طرحت معاناة المستثمرين وصعوبات الاستثمار في المدارس الأهلية، وطالبت منذ عشر سنوات بإعادة النظر في شروط إنشاء المدارس الأهلية وهي شروط صعبة وقاسية ومنفرة للاستثمار في التعليم، وطالبت بإعادة النظر في شروط تمويل إنشاء المدارس الأهلية وهي أيضاً شروط صعبة وقاسية وكأنها مفصلة على فئة دون فئة أخرى وسأستعرض هذا. فعلى سبيل المثال شروط البناء للمدارس تحدد المساحة حسب المواصفات العالمية وهذا شرط مقبول حتى وإن كان يصعب تواجده بالقيمة المناسبة.
ثم الشرط الثاني ضرورة الابتعاد عن أقرب مدرسة بمسافة 500 متر مربع من كل الجهات الأربع، وهو شرط يصعب تحقيقه نظراً لانتشار المدارس الحكومية في كل مخطط. أما الشرط التعجيزي للبناء فهو مطالبة المستثمر بالحصول على موافقة الجيران من الجهات الأربع بأن تقام مدرسة بجوارهم، ولا أعلم من هو العاقل من الجيران الذي يعطيه النظام الحق في منع إقامة مدرسة بجواره ثم يوافق على إنشائها؟ علماً بأن هذا الشرط غير مطلوب من المدارس الحكومية، بل أعطى النظام للمدارس الحكومية أن تقيم المدارس في أي موقع وبأي مواصفات وبدون موافقة ورضا الجيران، وأعطى النظام للمدارس الحكومية الحق في الأراضي المخصصة في المخططات المملوكة لأصحاب المخططات أو لأصحابها، وفرضت البلديات على أصحاب المخططات أو الأراضي منع التصرف في هذه الأراضي أو البناء عليها مدارس أهلية إلا بعد موافقة وزارة التربية والتعليم والتي ترفض رفضاً قاطعاً الموافقة أو التنازل عما يسمى حقها إلا في حالات خاصة ولأشخاص محددين، وعُطلت تنمية معظم الأراضي لعشرات السنين لعدم توفر الميزانية لشراء الأراضي، حتى عندما توفرت الميزانية استخدمت وزارة المالية حقها في تسعير الأراضي بنصف قيمتها الحالية. أما عن البلديات فلم توافق على تطبيق قرار مجلس الوزراء السابق بتأجير الأراضي التعليمية للمستثمرين في المدارس والكليات والجامعات الأهلية بسعر رمزي ولمدد طويلة مرتبطة بعمر تشغيل المدارس والكليات والجامعات الأهلية، بل لجأت أمانة مدينة جدة إلى فرض توقيع تعهد على المستثمرين المستأجرين لأراض مخصصة لإقامة مشاريع تعليمية تلزمهم بعدم مطالبة الأمانة مستقبلاً بتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بتأجير المدارس والجامعات والكليات الجامعية، وفرضت عليهم الدخول في مزايدات ومنافسات.
أما وزارة المالية فقد فرضت شروطا قاسية وصعبة لتمويل المدارس.. كان من أهمها رهن صكوك الملكية للمدارس المقامة على أراض مملوكة، وأما المدارس المقامة على أراض مؤجرة فاعتذرت عن التمويل إلا بضمانات عقارية تساوي ضعف قيمة القرض أو ضمانات بنكية بقيمة القرض ولمدة القرض، وهي شروط تعسفية من وجهة نظري لتمويل مشاريع تنموية.
أما معوقات عمل المدرسين والمدرسات الأجانب فهي معضلة أخرى في استقدامهم، نظراً للشروط الصعبة والمعقدة أحياناً، وإذا تمت الاستعانة بمدرسين أو مدرسات مرافقين فالشروط صعبة، حيث يُطلب نقل كفالتهم للمدارس، وهنا تبرز المشكلة؛ فإذا كانت المعلمة على كفالة زوجها في مؤسسة أو شركة أخرى يصعب أن يكون الزوج على كفالة والزوجة على كفالة أخرى. وأخيراً قرارات الأمن والسلامة التي نؤكد على أهميتها وتطبيقها والالتزام بشروطها، إلا أن قرار استبدال المدارس المؤجرة بمدارس مملوكة وتنفيذه حالاً يعتبره بعض أصحاب المدارس قراراً فيه شيء من التعسف في استخدام الحق، لأن الدولة بكامل قوتها الاقتصادية وملاءتها المالية لم تستطع بناء وتملك جميع مدارسها منذ سبعين عاما مضت حتى اليوم، ولم تشرع في بناء مدارسها إلا مؤخراً، والقطاع الأهلي ليس بملاءة الدولة فلماذا لا يعطى مهلة كافية للبناء غير تلك التي أعطيت سابقا؟ لا سيما أن شروط البناء صعبة ومعوقة للبناء، بالإضافة إلى أن توفر الأراضي المناسبة مكلف جداً، وقد يؤثر سلباً على اقتصاديات التشغيل.
وأخيراً إذا جاز لي الاقتراح فإنني أقترح أن يرافق توجيه مجلس الوزراء الأخير تكليف لجنة متابعة تنفيذ القرارات السامية وقرارات مجلس الوزراء لهذه التوجيهات والتأكد من تنفيذها على أرض الواقع. كما أقترح إلزام البلديات بتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بالتأجير المباشر للمؤسسات التعليمية بسعر رمزي وإلغاء الشروط التعجيزية للبناء. كما أقترح إنشاء صندوق تنموي لتمويل المشاريع التعليمية أسوة بصناديق التنمية الصناعية والزراعية والعقارية.