يعيش كثير من البشر في قلق يومي وخوف من الأمراض، وهذه طبيعة بشرية مقبولة، ولكن قد تكون بشكل مفرط عند بعض الناس، وهو ما يعرف بالوسواس القهري، وهو اضطراب نفسي يسوده القلق المبالغ، يتميز بأفكار ومخاوف غير صحيحة «وسواسية»، مما يعوق الحياة اليومية. ومن الأمثلة الشهيرة، الخوف من الإصابة بالأمراض المعدية، أو التلوث، وإعادة الوضوء أوالصلاة مرات كثيرة، بسبب هواجس بطلان الوضوء.

يعيش «الموسوسون» في رعب قاتل، كلمة بسيطة لا تجعلهم ينامون لأيام، لا يلمسون أطفالهم أو زوجاتهم خوفاً من نقل «مرض» محتمل، وفيروس يتسلق أجسامهم ويغير حياتهم للأبد. رأيت البعض منهم يأكل وجباته «بالقفازات» خوفاً من كورونا، وهناك من يعمل مسحة يومية، وهو يستمع لأنغام «أبوبكر سالم»، متناسياً أن زيادة الوزن والتدخين الأعظم خطرا من كل فيروسات العالم. رأينا كثيرا بعد العلاقات المحرمة والمسلسل الشهير بـ«فوبيا» الإيدز، يحطمون حياتهم وحياة من حولهم، بسبب ذلك الوسواس القاهر، ونتيجة لذلك يعاني كثير منهم، من الاكتئاب والقلق وعدم الرضا في حياتهم اليومية.

من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى إثارة رعب كثيرين، وخصوصا مصابي الوسواس القهري، هو الأخ الأستاذ البروفيسور «قوقل» الذي يكتب فيه من هب ودب، وقد يخلط القارئ الحابل بالنابل، بعد قراءة غير دقيقة، من الجميل أن يثقف الشخص نفسه طبياً، ولكن ليس من خلال منتديات البشرة والليزر والمكياج والأسهم، فالمواقع الطبية الموثوقة ليست بتلك الكثرة، ولن تستطيع أن تصبح طبيباً بعد عدة ساعات من القراءة والتمحص ومتابعة تغريدات بعض الأطباء، ومن ثم تتخيل أن فيروس الإيدز كمصاص دماء يتبعك أيتها الفريسة الثمينة.

أخي وصديقي «الموسوس»، إذا رأيت أن تلك الأفكار زادت على المعقول، وأعاقت حياتك، فدع إنشاء الحسابات الوهمية في وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تستفي الأطباء بأسئلة تتمحور حول مناطق من «السرة إلى الركبة»، وقم بزيارة من تثق في علمه ورأيه، وإذا دخلت في مرحلة الشك والريبة والوسوسة، فلا ضير من زيارة طبيب نفسي موثوق، أفنى عشرين عاما «على الأقل» من عمره بالبحث والتقصي، بدلاً من الذهاب لباعة الوهم و«بنشرجية الطب البديل»، والذين يقتاتون على أمراض اخترعوها، ومنها علاج «تنسيم الرأس».