تحتل المملكة المركز الأول عالمياً، في خدمات الجيل الخامس من تقنية الهاتف المحمول، وذلك من حيث سرعة البيانات، وحجم التغطية، وحسب إحصائية صدرت في شهر أكتوبر 2020 من موقع Opensignal المختص بتقييم خدمات الاتصالات، فقد بلغ متوسط سرعة التحميل لمستخدمي الجيل الخامس 337.2 ميجا في الثانية، وهي سرعة تجعل بإمكانك خلال أقل من دقيقتين، تحميل فيلم عالي الوضوح مدة مشاهدته ساعتين.

ووصلت نسبة التغطية 37%، وهذا يعني أنك إن كنت تملك هاتفا محمولا يدعم الجيل الخامس، فإن أكثر من ثلث وقت استخدامه كان مغطى بشبكة تستخدم أحدث تقنيات العالم.

ولاشك أن حصول المملكة العربية السعودية على هذه المكانة المهمة والمتقدمة، على دول كانت دوما صاحبة السبق في استخدام التقنية، مثل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، هو أمر مهم، لكن هل هذا حقا يعني أن المملكة تستفيد من الفرص والمجالات، التي تتيحها تقنية الجيل الخامس الواعدة بشكل أفضل بقية الدول ؟

لنحاول قياس ذلك عبر عدة محاور:

تشير الدراسة التي أعدتها شركة Accenture إلى أن تقنية الجيل الخامس ستضيف للاقتصاد الأمريكي 3 ملايين وظيفة جديدة حتى عام 2030، أي ما يعادل 1% من عدد سكان الولايات المتحدة. في مقابل ذلك تتوقع وزارة الاتصالات السعودية، أن يكون عدد الوظائف المضافة عن طريق تقنية الجيل الخامس للمملكة هو 30 ألف وظيفة فقط. وهو عدد أقل بعشر مرات عند مقارنته بالولايات المتحدة الأمريكية. نتيجة كوننا مستهلكين للتقنية ولسنا مصنعين.

وبحسب تقييم شركة Bloomberg لعام 2019 تحتل كوريا المرتبة الأولى في مؤشر الابتكار، وهو مؤشر يقيس عدد براءات الاختراع الصادرة من الدولة، وكم تساهم في الاقتصاد، وكمية الإنفاق على الأبحاث والتطوير، ومدى استخدام التقنية، في هذا المؤشر تحتل السعودية المرتبة 56 على مستوى العالم. أي أن التطور التقني في كوريا ليس ترفا بل هو عامل مساعد لها لتبتكر وتنتج أكثر.

وفي مؤشر التركز التقني، وهو يهتم بقياس عدد شركات التقنية المتداولة كنسبة مئوية من الشركات المحلية المدرجة في سوق الأسهم، وكحصة من إجمالي شركات التقنية العامة في العالم، جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول، نتيجة وجود شركات مثل قوقل ومايكروسوفت وغيرهما، في حين تحتل كوريا الجنوبية المرتبة رقم 4 عالميا، ولا تملك المملكة سوى شركة واحدة متداولة في قطاع التقنية في سوق الأسهم.

التقنية الحديثة وتقنية الجيل الخامس، تمكنان الدول والشركات لتوليد وظائف ذات دخل عال، وبالتالي تقليل البطالة عن طريق وظائف نوعية، وهي أيضا طريقة لتيسير الابتكار والاعتماد على التقنية، بهدف زيادة رفاهية الشعوب، وهي داعم لزيادة الناتج المحلي، عبر تصدير تلك التقنية، وبالتالي تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

نحن بحاجة لمراجعة أين تقف المملكة في تمكين التقنية؟ وكيفية اعتمادها وجعلها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني؟ وذلك عبر شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والعام لتبني توطين التقنية ومن ثم تصديرها، مما يسهم في صناعة اقتصاد مستدام ومتنوع يبقى للأجيال المستقبلية.