طاقة أفكارنا تلعب دورا هاما جدا في أعمالنا وحياتنا اليومية، وإذا أردنا أن نحقق نتائج إصلاحية من أي نوع وعلى أي مستوى فنحن عمليا بحاجة أن نتأمل طريقة أفكارنا وتعاطينا مع مشكلات المجتمع التي يتم الترويج لها من خلال الإعلام.

نحن كمثال نقاوم فكرة البطالة، ولكن الذي يحدث هو مزيد من مسبباتها وظواهرها، نقاوم الفساد ونتحدث عنه وبالتالي نجذب مزيدا منه ليتجسد في حياتنا اليومية، نقاوم المخدرات فتزداد انتشارا، وفي الآونة الأخيرة ظهر الانتحار وأصبحنا نتحدث عنه أيضا لنفاجأ بالمزيد منه، كل هذه الأمثلة نماذج للمقاومة الفكرية، فكلما تحدثنا أكثر لنقاوم ما يحدث جذبناه أكثر وتجسد في حياتنا، لأننا نردد ونتبنى شعار المقاومة وهو الحديث (عما لا نريد وليس الحديث عما نريد) وهذا ما يُحدث فارقاً ويجب أن نقيس عليه بقية المقاومات الأخرى سواء على مستوى المجتمع أو على المستوى الشخصي. لماذا؟ ما الذي يحدث على مستوى الفكر وعلى المستوى الفيزيائي على أرض الواقع..؟ إنها المقاومة, ليست تلك المقاومة التي فكرتك عنها تتضمن العنف ليست هي, الأمر مختلف هنا.

كل ما نقاومه له طاقة تنعكس علينا ويقاس على ذلك كل مقاومة، المقاومة هنا هي قانون كوني يحدث على مستوى الأفكار وتلقيها يتلخص في أن ما نقاومه يصبح جزءاً من شكل حياتنا ومن حياتك.. قانون المقاومة مرتبط بقانون الجذب، القاعدة الذهبية في معرفة قانون المقاومة هي أنه أنت/ المجتمع تصبح ما تقاومه.

الفكر المقاوم يجلب طاقة الظلم. وفي سياسة عمر بن عبدالعزيز مثال خلاق للفكر غير المقاوم في زمنه كيف؟ ببساطة كان أول ما قام به حين اعتلى الحكم أنه عمل على إزالة الفساد في الدولة ورفع شعار "من أين لك هذا"؟ وأرجع الحقوق لأصحابها وحارب الفساد في الدولة حتى حورب من عائلته. وأوقف الجهاد وأعاد الجيش وقال للأعراب: "من دعا بالجاهلية لأبيدنه عن بكرة أبيه" وعزل الحجاج، ووضع رسالة للدولة حتى إنه وضع للأعمى رجلا يقرأ له. وقد أرسل له أمير أفريقيا أن طفحت الخزينة بأموال الزكاة. وهذا كان نتيجة للمقاومة الخلاقة، بمعنى التفكير في ما يريد وليس التفكير فيما لا يريد، هذا هو السر في الرفاه والعدل الذي ساد عصره. لا بد أن تكون المقاومة مدروسة ومخططا لها قبل الخوض فيها، على ألا تكون مقاومة عشوائية ذات هدف مبهم أو غير واضح.

طاقة المقاومة التي يجب أن تخرج منا.. يجب أن يكون منبعها التركيز على ما نريد وليس العكس للاستمرار في مقاومتنا الإنسانية لشرور القوانين اللاإنسانية التي أصبحت تحكم عالمنا بشراسة. يجب أن نعلم الناس معاني المقاومة ومعاني التغيير.. من هنا تكون لطاقة المقاومة وظيفتها الواضحة لتضيء للمجتمع طريقه والتوقف لتعديل الخلل في مفهوم المقاومة.