احتفت المملكة العربية السعودية، أول من أمس، بختام اجتماعات قمة رئاسة مجموعة العشرين «G20»، التي ترأست المملكة أعمالها على مدار عام كامل بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومتابعة وإشراف مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تعد قمة تاريخة بشهادة الجميع ونقطة تحول في الدور الذي تلعبه مجموعة العشرين في العالم، حيث تمكنت خلالها القيادة السعودية من تخطي الظروف وتسجيل نجاحات مبهرة وتقديم كثير من القيم المضافة للمجموعة، وقادت جهود توحيد العالم لمواجهة تحديات جائحة كورونا وحماية البشرية.

عدم الاستسلام

يتفق المراقبون على أن أهم ما ميز القيادة السعودية لقمة مجموعة العشرين، أنها لم تضع اليد على الخد وتستسلم لظروف الجائحة، بل قدمت مبادرات فعّالة وجادة أسهمت في الحفاظ على الأرواح وتماسك بنية أسواق النفط والعمل ومكنت اقتصادات دول العالم من اجتياز تبعات الجائحة، خصوصا الدول الفقيرة، حيث أسهمت مبادرة إعادة جدولة ديون الدول الفقيرة، في تذليل كثير من التحديات والمصاعب لتلك الدول.

التعاون العالمي

أسهمت القيادة السعودية للمجموعة خلال هذا العام الاستثنائي في تعزيز التعاون العالمي وتقريب وجهات النظر لتحقيق نتائج تخدم العالم. وخير مثال على ذلك قيادة المملكة للجهود الدولية لتجاوز جائحة كورونا، وعكس الدور القيادي الدولي والمكانة الكبيرة التي تحظى بها القيادة السعودية في العالم، إضافة إلى ذلك، فإن رئاسة المملكة أسهمت في تحسين الصورة الذهنية حول المملكة لدى كثير، من خلال استعراض ثقافة المملكة الثرية وأهلها الكرام وتاريخها العريق وحاضرها المزدهر.

وتناولت القمة على مدار عام كامل تقريباً من رئاسة السعودية لمجموعة «G20» قضايا السياسة المالية والنقدية، وسلط مسار «الشربا» الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل: الزراعة، ومكافحة الفساد، والمناخ، والاقتصاد الرقمي، والتعليم، والعمل، والطاقة، والبيئة، والصحة، والسياحة، والتجارة والاستثمار.

أهم الملفات

لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، كان أهم الملفات التي قادتها الرياض خلال رئاسة الدورة الحالية بسبب كورونا ونجحت في إدارتها بامتياز، فللمرة الأولى بتاريخ دورات مجموعة العشرين، يُصادق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية للمجموعة على إطار العمل المشترك لمعالجة ديون الدول الفقيرة بما يتجاوز نطاق مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين، مع الاستمرار في تطبيقها؛ لتقديم أكبر دعم ممكن للدول المخولة للاستفادة من هذه المبادرة، التي ستُمدد حتى منتصف يونيو المقبل2021.

ومن المبادرات النوعية التي قدمتها السعودية في الدورة الحالية وتم إقرارها في البيان الختامي «مبادرة الرياض لمستقبل منظمة التجارة العالمية»، التي تستهدف تحديد أرضية مشتركة لمبادئ السياسة التجارية التي يمكن أن توفر الأساس لمناقشات إصلاح المنظمة دون إيجاد مسار مواز للمفاوضات، و«تعزيز التجارة الدولية والاستثمار»، لبناء المرونة في سلاسل التوريد العالمية وتفعيل الاستثمار الدولي.

وكان لرئاسة السعودية ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻗﻮة راﺋﺪة ﻓﻲ ﺗﻤﻜﻴﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﺮﻗﻤﻨﺔ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ رﻓﻊ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﻜﺎﻓﺆ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ وزﻳﺎدة وﺻﻮل اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة واﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﻮاق الرقمية، ناهيك عن دفعها إلى رقمنة التعليم كمتطلب رئيس للتنمية وأحد أبرز المحاور التي تعمل عليها في الوقت الراهن، لإيجاد أرضية مشتركة للنهوض بعملية التحول الرقمي في التعليم باعتباره ضرورة استراتيجية للتنمية البشرية المؤهلة للاقتصاد الرقمي والتنافسية المستدامة.

علامة

من العلامات الفارقة في هذه النسخة تمكن القيادة السعودية من إقناع قادة الاقتصادات العالمية بالتعهد بالالتزام باتخاذ إجراءات فورية لحماية الأرواح وسبل العيش والاقتصاد، وضخ 11 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي كحافز غير مسبوق، والتعهد بتقديم 21 مليار دولار لدعم تطوير لقاح جائحة كورونا، وتخصيص 14 مليار دولار لمبادرة تأجيل الديون التي من شأنها أن تسمح لـ73 دولة مؤهلة بإعادة التخصيص لتلبية احتياجاتها الصحية والمالية، إضافة إلى الالتزام بضمان تدفق الإمدادات الطبية الحيوية والمنتجات الزراعية المهمة عبر الحدود.

وعلى الرغم من أن التركيز انصب على مواجهة الجائحة وتجاوزها، فإن العمل استمرعلى تحقيق برنامج الرئاسة الأساسي، والعمل على الأجندة المستقبلية الطموحة لتجاوز تحديات واغتنام فرص القرن الـ21 للجميع. وتمكنت الاجتماعات الوزارية من إقرار عدد من المبادرات والتدابير بعيدة المدى، التي شملت «تمكين المرأة بمختلف الوسائل، أبرزها مبادرة EMPOWER، ودعم الشباب والشمول المالي، وخريطة طريق شباب مجموعة العشرين».

مبادرات

كما أقرت مبادرة الرياض حول مستقبل منظمة التجارة العالمية، التي تهدف إلى مناقشة وتأكيد الأهداف والمبادئ الأساسية للنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، وتقديم الدعم السياسي لإصلاح منظمة التجارة العالمية وخفض الانبعاثات وتحولات الطاقة، من خلال منصة الاقتصاد الدائري للكربون، حيث تمثل المنصة نهجا كليا ومتكاملا وشاملا وعمليا وإطار عمل يمكن لأعضاء مجموعة العشرين والدول الأخرى استخدامها على أساس طوعي، لخفض الانبعاثات وكأداة لتحقيق طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة وآمنة لتحقيق نمو اقتصادي مع مراعاة الظروف الوطنية والإقليمية.

والحفاظ على الأراضي والبحار، من خلال مبادرة مجموعة العشرين للحد من تدهور وتراجع الأراضي، وكذلك منصة لتسريع عملية البحث والتطوير للشعاب المرجانية العالمية ومبادرة الرياض لتعزيز التعاون الدولي في مجال إنفاذ القانون للجهات المعنية بمكافحة الفساد، التي تسعى إلى إنشاء شبكة عمليات عالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، المدعومة من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

وتضمنت أيضا «إطار عمل العلا للتنمية المجتمعية الشاملة من خلال السياحة»، الذي يهدف إلى تبني نهج شامل في قطاع السياحة، يسهم في دعم بناء قطاع أكثر مرونة، من خلال إدارة المخاطر ومعالجة القضايا الرئيسة في المجتمعات المحلية، مثل: تكافؤ الفرص، والإمداد بالأيدي العاملة، والتحديات المتعلقة بالمهارات، مع تسخير منافع الابتكار والتقنية لذلك. وسيتم أيضا دعم أهداف التنمية المستدامة 2030 من خلال تعزيز النمو المرن والمستدام، والحد من الفقر، وحماية البيئة، وتمكين المجتمعات.

الاجتماعات

شهدت رئاسة المملكة لعام 2020 عقد أكثر من 190 اجتماعا ومؤتمرا دوليا على مستويات مختلفة، شملت اجتماعات وزارية واجتماعات لمسؤولين رسميين لمجموعات العمل وممثلي مجموعات التواصل وعدد من الفعاليات والمؤتمرات المصاحبة، التي تعقد على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، وأكثر من 75 اجتماعا لمجموعات عمل وكبار المسؤولين، وأكثر من 35 اجتماعا وزاريا بما يتضمن سبعة اجتماعات لـ"الشربا"، و13 اجتماعا وزاريا استثنائيا، وأكثر من 15 اجتماعا لمجموعات التواصل، بما يتضمن ثماني قمم، وأكثر من 40 فعالية مصاحبة عقدت على هامش اجتماعات مجموعة العشرين الرسمية، وأكثر من 30 مؤتمرا وفعالية دولية عقدت على هامش عام الرئاسة لمجموعة العشرين.

مجموعات التواصل

ولعبت مجموعات التواصل التي تمثل المجتمع المدني ولعبت دورًا محوريًا في تقديم التوصيات المتكاملة لمختلف المجالات المهمة إلى قادة المجموعة للنظر فيها، وهي: مجموعات الأعمال (B20)، والشباب (Y20)، والعمال (L20)، والفكر (T20)، والمجتمع المدني (C20)، والمرأة (W20)، والعلوم (S20)، والمجتمع الحضري (U20).