يقول الشاعر العراقي صفي الدين الحلي:

«بدت تختال في ذيل النعيم.. كما مال القضيب مع النسيم

وأشرق صبح واضحها فولى..هزيع الليل في جيش هزيم

وقدٍ لو يمر به النسيم.. لكاد يؤوده مر النسيم

أيا ذات اللمي رفقاً بصب.. يراعي ذمة العهد القديم».

ومطلع القصيدة يتماهى مع المثل العربي «كل ذات ذيل تختال»،والذي يقال في كل من يسير أو تسير، والثوب من طوله وليونته، يرسم آثارا علي الأديم خيلاء لا يخلو من الكبر.

هذا في القديم ولكن في وقتنا الحاضر، كم من واحدٍ من أفراد المجتمع المخملي بالذات،

في أي مكان في هذا العالم، يسير بلا خيلاء وزهو، بل ولا يسير وخلفه ذيل أو أكثر؟

فبظنهم أن ذلك من أصول الوجاهة «والشو» والذي منه.

وطبعا لولا وجود الذيل ما وجد المذيول والعكس صحيح.

وهناك أرجوزة «زغنونة» يرددها بعض الناس، ويقولون فيها للأولاد:

«الثعلب فات فات وبذيله سبع لفات»، والحقيقة أن اللفات هي في ذيول المنتفعين، واللعب بالثلاث ورقات، أما الثعلب فذيله لا يوجد به لا سبع لفات ولا لفتان.

وحتي يوم ما ولد، ما وضعوه في اللفة، لأن الثعالب ما عندها «مرقعة» ودلع، من ما يولد يشمموه ريش الدجاج،عشان من لحظة ما تمر الحلوة المريشة ذات اللحم الأبيض، يشم ريحتها ويقول

«يختي عليها يختي عليها جتني بتجري برجليها»، طبعاً مخلي ذيله لعوزة، يمكن يكش به الذباب لو مرت بالقرب منه «حيوانات فاهمة».

أما إخواننا من الجنس البشري، فربما نجد لدي أحدهم ذيولا عدة، تجري خلفه وكل ذيل عارف وظيفته، هذا مخصص للنفخ بأنه أرجح الناس عقلا، والآخر أنه أوسم خلق الله، وحتي لو كان لا يطيق استعمال المرآة، طبعا عارفين ليه.

وآخر اختصاصه أن شِعره الذي طبعاً ليس له أصل، لا يضاهيه لا أبو تمام ولا المتنبى ولا شوقي، ولا شوقك ولا شوق أي واحد ثاني.

والحقيقة أرجوزة الثعلب فات ربما تنطبق علي الضب، الذي في ذيله عدة عقرات، وكل عقرة تقول للي قبلها محدش قدي.

ورغم أن وسامة الضب تشرد الذباب، الذي يلصق فيك وما يطير، حتي لو غنيت له. الأرجوزة التي غُنيت من زمن جدي، والتي تقول «والنبي لاهشه دا العصفور وانكش له عشه دا العصفور». طبعا الضب المسكين الذي لا يمت للجمال بأي صلة، كما أسلفنا أو أفلسنا، ماله ذنب، عدا أنه ضب، والضباب أو الضبان قليلُ. والدليل علي ذلك، أن الشباب مساكين يا عيني «يعانون الأمرين حتي يطلعوا» الضب من جحره، هذا إذا انطلت عليه الحيل.

ولمن يمني نفسه من المتضببين بأكلة شهية، نقول له: «استناني لما لحمه يستوي»، مع احتمال أنه يخرج من القدر في لحظة غفلة، هذا إذا ما نط في حجرك وأنت تقول يا سبحان الله، وذلك الوقت خلي ذيله ينفعك.

ورغم هذه وتلك فإن الضب رجل ولا كل الرجال، وبيني وبينكم ما قد سمعت أن هناك ضبة، إلا ضبة الباب زمان أول. مع أن أنثي الضب اسمها ضبة، لكن يبدو أن الأسباب في عدم القبض علي الضبة، أنهم لا يطبقون مبدأ «السيدات أولاً». «عالم غير متحضر».

والضب معروف ما يخاف لو تقطع رأسه، لأنه يمشي مسافات بين الناس وهو مقطوع الرأس، «ولو اعتمد علي ذيله» كان ذهب مع الريح.

ومن هنا أتت مقولة «فلان مقطوع الرأس»، يعني ما يهمه شىء، وطبعاً إذا انقطع رأسه، أتحدي إن كان يهمه أي أحد، ولو كان جني برتبة عفريت. المهم لا تمس ذيله فينبري عليك المتذيلون وفين يوجعك. ورغم هذا كله هناك من لا يطيب له العيش إلا إذا أكل الضب، وبالذات شربة العقرة، التي يدعون أنها ترجع الشياب شباب، وبسبع أرواح كمان زي الضب «مع الاعتذار للقطة»، لكن المشكلة أنه عشان يشرب شربة العقرة لابد من الاحتكاك بالذيل.

وأخطر شىء في عوالم المنافقين أن تمس الذيل، لأنك ستتجاوز مبدأهم «مِس رأسي ولا تمس ذيولي».. وهناك ذيول عن بعد، فاكتفي شرها، فالويل لو تقرب من صاحبها، أو صاحب صاحبها، لأنك تهدد مصالحها. فهم مثل ذيل العقرب لسعته والقبر، ومن بدري ابعد بعيد، وَيَا الله السلامة.

وَيَا أسفاه علي كل من ارتضي أن يكون ذيلاً، وحتي لو كان من الذيول العوجاء، التي لا يمكن أن تعتدل، فمن هان، هان الهوان عليه.