فيما تتسابق الشركات على فسح لقاحاتها وذلك للحد من وباء كورونا، نجد اختلافات بين اللقاحات في طريقة العمل والتخزين وبعض هذه اللقاحات استخدمت تقنيات جديدة، وفي هذا الصدد أوضح أستاذ علم البكتيريا المشارك الدكتور محمد السقاف أن لقاح Pfizer و BioNTech كذلك لقاح موديرنا الأمريكي، استخدمت فيه تقنية جديدة في عالم اللقاحات، وكما نعلم فإن فيروس كورونا محاط حول تركيبه الخارجي بأشواك، مكونة من بروتينات تسمى بروتينات الأشواك، وهي التي يستخدمها للالتصاق بالخلايا الطلائية البشرية في الجهاز التنفسي والفم أو العين.

تكوين اللقاح

أبان السقاف أن اللقاح يتكون من مادة وراثية صغيرة «messenger RNA» الحمض النووي الريبي-المرسال والذي يعطي تعليمات للخلية البشرية عند إدخاله في الجسم لصنع نسخة من هذا البروتين. بعد ذلك يتم «ترجمة» mRNA إلى بروتينات الأشواك في خلايا جسم الإنسان، مما ينشط جهاز المناعة لصنع الأجسام المضادة والخلايا التائية المضادة للفيروس والتي لا يملكها الإنسان قبل الإصابة، لذلك عندما نتعرض للفيروس يمكننا التخلص منه بسرعة حيث تهاجمه هذه الأجسام المضادة التي تكونت بتحفيز من بروتينات الأشواك المحقونة في الجسم، وبيّن السقاف أن لقاحات mRNA لا تحتوي على الفيروس نفسه - فقط جزء من بروتين الأشواك - ولا تشكل خطرًا للإصابة بالعدوى.

عقبة اللقاح التقليدي

حول التوجه لاستخدام تقنية حديثة عوضا عن تطوير اللقاح بالطريقة التقليدية، أوضح السقاف أنه على الرغم من أن التطور التقليدي مدروس جيدا إلا أنه يستغرق وقتًا طويلاً ولا يمكنه الاستجابة على الفور ضد الأوبئة الجديدة كوفيد-19 كما أنه يمكن للقاحات mRNA تخطي عقبات تطوير اللقاحات التقليدية وتختصر الكثير من عملية التصنيع كإنتاج فيروسات غير معدية، أو إنتاج بروتينات فيروسية بمستويات نقاوة عالية، وبدلاً من حقن البروتينات الفيروسية، يستخدم جسم الإنسان التعليمات لتصنيع البروتينات الفيروسية بنفسه، وتعتبر جزيئات mRNA أبسط بكثير من البروتينات، فيتم تصنيع الرنا المرسال عن طريق التخليق الكيميائي بدلاً من التخليق البيولوجي، لذلك فهو أسرع بكثير من إعادة تصميم اللقاحات التقليدية وتوسيع نطاقها وإنتاجها بكميات كبيرة.

شفرة جينية

أوضح السقاف أنه في شهر ينايرالماضي تم توفر الشفرة الجينية لفيروس كورونا المستجد عند أغلب علماء العالم ما ساعد في جعل لقاح mRNA جاهزاً وقابلاً للتطبيق على الفور، كما أن هذه التقنية بدأت منذ بداية الألفية في محاولة علاج أوبئة كالإيبولا أو الأمراض كالسرطان إلا أنها لم تلق الدعم الكافي إلا أنه من الآن باعتقادي أنه يمكن تصميم mRNA بسرعة للأوبئة الأخرى وللأمراض في المستقبل.

تجميد اللقاح

عن السبب في استخدام درجة التجميد لحفظ اللقاح، إذ إن لقاح فايزر يجب تخزينه عند درجة حرارة 70 مئوية تحت الصفر وبمدة صلاحية خمسة أيام بعد التجميد؛ أكد السقاف أن لا أحد يعرف التركيب الفعلي للقاح حتى اليوم لأنه يعتبر تركيباً سرياً يخص الشركة، ومن وجهة نظر علمية فإن الحمض النووي الريبي «mRNA» يتلف بسهولة بسبب وجود العديد من الإنزيمات التي تفككه، ولحمايته تم استخدام جسيمات نانوية دهنية تغلف اللبنات الأساسية (النيكليتيدات) للحمض الريبي، ولكن حتى مع وجود لبنات الأساس المستقرة والطلاء الدهني يمكن أن يتفكك الرنا المرسال بسهولة، وهذا هو سبب تجميد اللقاح لكي يبطئ نشاط الإنزيمات من تفكيكه، تماماً كما نحفظ الأغذية في المبردات كي لا تفسد.