غير فيروس كورونا في شهور قليلة الكثير من الثوابت الحياتية وأنماط المعشية حول العالم بدءًا من طرق العمل والتسوق ومرورًا بآليات التعليم التي تحولت للنمط الإلكتروني ولم تكن الجريمة وأساليبها بمنأى عن موجة التغير تلك، وتأثرت بها سواء في نوعية الجرائم أو طريقة تنفيذها.

الإغلاق الاقتصادي

في الوقت الذي تحدثت فيه وسائل الإعلام عن وقائع لجرائم قام بها بعض العمالة الوافدة أثناء الإغلاق الاقتصادي بسبب جانحة كورونا وبعد فتح النشاط الاقتصادي كذلك، تنوعت تلك الجرائم كقيام ضعاف النفوس منهم بإنشاء معامل في شقق سكنية لتزوير الوثائق والبطاقات، وكذلك قيام بعضهم بإصدار بطاقات اتصال بأسماء مواطنين ومقيمين دون علمهم والسطو على المتاجر والمحلات والابتزاز وغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون. وأرجع الباحث في علم اجتماع الجريمة الدكتور يزيد بن إبراهيم الصيقل ارتفاع مستوى الجرائم في تلك الفترة لتوقف هؤلاء الوافدين عن العمل ما أوجد متسعًا للتخطيط والترتيب للأفعال الإجرامية خصوصًا ممن يمتلك منهم نزعة إجرامية كامنة وجدت الفرصة لإظهارها خصوصاً في ظل عدم القناعة والاكتفاء تجاه دخله المشروع.

عوامل محفزة

أبان الصيقل أن عدم التزام المؤسسات والشركات بدفع الرواتب لعمالتها بسبب ضعف الدخل أو توقفه مما ترتب عليه عدم تكيفها مع المستجدات الاقتصادية رغم الدعم الموجه للقطاع الخاص، وإن التستر وغياب متابعة أصحاب العمل وعدم زيارة أماكن عملهم ومبيتهم تعد عوامل محفزة للعمالة الوافدة بأن تمارس الأنشطة الغير قانونية فلذا دأبت الجهات المختصة بمتابعة البلاغات ورصد الأعمال الإجرامية في التجمعات السكنية للعمالة ومتابعة الحوالات المالية المشبوهة ومعرفة من يقف وراءها، يضاف إلى ذلك أهمية مراجعة الاحتياج الفعلي من العمالة الوافدة والمحترفة بعيدًا عن استقدام العمالة المتدنية في مستواها التعليمي والتي قد تملك سجل إجرامي سابق في بلدانها.

سلوكيات إجرامية

ذكر المحامي عصام الملة أن هناك سلوكيات إجرامية موجودة في الأساس لدى بعض الأشخاص فكان الحظر يمنعهم من الخروج والتجول والتخطيط للجرائم والتدبير، موضحًا أكثر الجرائم التي بدأت في الانتشار هي جرائم السرقات والتحرش والجرائم الأخلاقية إضافة للمشاجرات، مما يتطلب زيادة تكثيف الدوريات الأمنية وتوعية الناس وتثقيفهم المستمر. وأفاد الملة بأن الوافدين يعانون الآن من صعوبة جني الأموال خاصة مع وجود مشكلات مع كفلائهم وغالبية الكفلاء مبلغون عن حالات هروب لعمالتهم، وبالتالي فإن تجمعات هؤلاء المخالفين تقود لتخطيط وارتكاب الجرائم.

أكد الصيقل على أن التوجه بإحلال وتوطين الوظائف وأهمية تعزيز جهود التوطين يعود بالنفع اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا وغير ذلك من المنافع، مشيرًا إلى إن جهود الجهات المختصة اهتمت بحماية المواطن والمقيم من آثار الجانحة صحيًا وأمنيًا واقتصاديًا إلا أن جهود ضعاف النفوس تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية والتي قامت الجهات الأمنية بإفشال العديد منها.

جرائم عالمية

شهدت فترة تفشي كورونا جرائم متنوعة حول العالم، ففي إسبانيا ألقت الشرطة القبض في أبريل الماضي على سبعة أشخاص يرتدون زي عمال ديليفري في فالنسيا بتهمة توصيل الكوكايين والماريجوانا بالدراجات النارية والسيارات المخصصة لخدمات التوصيل. وفي أيرلندا، عثرت الشرطة على أسلحة نارية وكوكايين مخبئة في قاع علب بيتزا تم توصيلها عبر عمال الديليفري. كما حذّرت الشرطة الدنماركية الناس من اللصوص الذين يضعون أقنعة واقية ويزعمون أنهم يقومون بإجراء فحص لفيروس كورونا من أجل سرقة المنازل، وفي جنوب أفريقيا، تنكر أفراد عصابة في زي مفتشي صحة بمعاطف بيضاء وأقنعة طبية، ودخلوا «سوبر ماركت»، على اعتبار أنهم يرصدون تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، وتمكنوا من الاستيلاء على 12 ألف دولار من خزانة «السوبر ماركت». كما أصدرت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» تحذيرًا شديدًا من استخدام المنظمات الإجرامية لخدمات توصيل الأغذية، التي تصاعدت وتيرتها في كل أنحاء العالم بسبب بقاء المواطنين في بيوتهم، لنقل المخدرات وغيرها من المواد والسلع الممنوعة. كما تم تأسيس موقع «كورونا فرود» أو «احتيال كورونا» في أواخر شهر مارس الماضي من قبل معهد مكافحة الجريمة الاقتصادية التابع لجامعة الفنون والعلوم التطبيقية في سويسرا. ورصد الموقع المئات من عمليات الاحتيال التي تستخدم تقنيات متقدمة ينفذها مجرمون بالغو الذكاء عبر الإنترنت. وأغلب الحالات تجري عن طريق الإعلان عن سلع وهمية.

رصد الجرائم

أوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي أنه لا يمكن الجزم بارتفاع أعداد الجريمة لمجرد انتشار بعض مقاطع الفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي ما لم يتم الاعتماد على أرقام وإحصائيات صادرة من الجهة المختصة، مبينًا أن دور الجهات الأمنية والنيابة العامة واضح وملموس في متابعة ورصد الجرائم والقبض على مرتكبيها وإحالتهم للجهات القضائية لإصدار العقوبات المناسبة. وأوضح أنه من المعروف علميًا أن الجريمة تتطور أساليب ارتكابها من زمن إلى زمن ويقابل هذا التطور تطور مماثل للجهات الأمنية من خلال رصد ومتابعة أساليب المجرمين للحد من جرائمهم وتقليل انتشارها قدر الامكان للحفاظ على الأمن.

جرائم شهدتها الدول في فترة الوباء

إسبانيا

القبض على 7 أشخاص يرتدون زي عمال ديليفري في فالنسيا بتهمة توصيل الكوكايين والماريجوانا بالدراجات النارية.

عثرت الشرطة على أسلحة نارية وكوكايين مخبأة في قاع علب بيتزا تم توصيلها عبر عمال الديليفري.

الدنمارك: ضبط لصوص يضعون أقنعة واقية ويزعمون أنهم يقومون بإجراء فحص لفيروس كورونا من أجل سرقة المنازل.

الهند

الإبلاغ عن عروض وهمية عبر الإنترنت لجمع تبرعات مالية لتوفير الضروريات لمتضررين من الإغلاق، ولمصابين في العزل المنزلي، ولتوفير معدات ومستلزمات طبية.

سويسرا

رصد المئات من عمليات الاحتيال التي تستخدم تقنيات متقدمة ينفذها مجرمون بالغو الذكاء عبر الإنترنت.

عمان

رصد جرائم تقوم باستغلال المحادثات أو المتاجر الإلكترونية أو التطبيقات الذكية للنصب على المواطنين ومحاولة سرقة بياناتهم الشخصية.

مصر

ضبط أطنان أقمشة وخيوط في مصنع ملابس لتصنيع كمامات وتعبئتها في عبوات تحمل أسماء وعلامات تجارية وهمية.

جنوب أفريقيا

تنكر أفراد عصابة في زي مفتشي صحة بمعاطف بيضاء وأقنعة طبية، ودخلوا «سوبر ماركت»، على اعتبار أنهم يرصدون تطبيق الإجراءات الاحترازية، وتمكنوا من الاستيلاء على 12 ألف دولار من الخزانة.