إنها قريش يقارع بعضها بعضًا

لما قتل ابن الزبير حج خالد بن يزيد بن معاوية، فخطب رملة بنت الزبير بن العوام؛ فأرسل إليه الحجاج حاجبه عبيدالله، فقال له: ما كنت أراك تخطب إلى آل الزبير حتى تشاورني! وكيف خطبت إلى قوم ليسوا لك بأكفاء، وهم الذين قارعوا أباك على الخلافة، ورموه بكل قبيحة، وشهدوا عليه وعلى جدك بالضلالة!

فنظر إليه خالد طويلا، ثم قال له: لولا أنك رسول - والرسول لا يعاقب - لقطعتك إربًا إربًا، ثم طرحتك على باب صاحبك؛ قل له: ما كنت أرى أن الأمور بلغت بك إلى أن أشاورك في خطبة النساء.

وأما قولك لي: قارعوا أباك، وشهدوا عليه بكل قبيح، فإنها قريش يقارع بعضها بعضًا؛ فإذا أقر الله، عز وجل، قراره كان تقاطعهم وتراحمهم على قدر أحلامهم وفضلهم.

وأما قولك: إنهم ليسوا بأكفاء، فقاتلك الله يا حجاج! ما أقل علمك بأنساب قریش! أيكون العوام كفئا لعبد المطلب بن هاشم بتزوجيه صفية، ويتزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خديجة بنت خويلد، ولا تراه أهلا لأبي سفیان! فرجع الحاجب إليه وأعلمه.