تذهلنا تقنية المعلومات كل يوم بالجديد والعظيم من التطبيقات والطرائق التي ساهمت في تسهيل العمل والاتصال والحياة بكاملها.

ولكننا مع هذا التطور الهائل مازلنا نلمس ضعفا في نظم الربط بين بعض المؤسسات، وأخص بالذكر هنا الربط الأمني بين الجهات ذات العلاقة بالأمن والجريمة كالشرطة والنيابة العامة وإدارات السجون.

ومع أن لدى كل جهاز من هذه الأجهزة نظام إلكتروني للعمل إلا أنه يظل نظاما داخليا خاصا لا يرتبط ببقية الأنظمة الأمنية ارتباطا فعالا. مما يجعل التعاملات الورقية حاضرة ومؤثرة بشكل كبير. بل إننا نجد أن لدى هذه الأجهزة لجان للتنسيق الأمني بينها على أعلى المستويات، فماذا ننتظر إذا لاعتماد الربط الأمني؟

الربط الأمني بين هذه الأجهزة ليس رفاهية بل ضرورة يقتضيها عمل هذه الأجهزة الأكثر خطورة وحساسية، وعامل الوقت هنا مهم لضمان حق إنسان أو إنقاذ حياته أو منع ارتكاب جريمة أو درء خطر محدق بالمجتمع.

ولعلنا هنا نذكر ما أشارت إليه التحقيقات الأمريكية في حادثة 11 سبتمبر من أن ضعف الربط بين بعض الأجهزة ووجود بعض التعقيد في انتقال المعلومة الاستخباراتية حال دون منع وقوع الكارثة. وشكل ثغرة في النظام الأمني، والأمثلة لا حصر لها، على أن سرعة نقل المعلومات بين أطراف العمل الأمني لا تقل أهمية عن جودة العمليات ودقتها.

نحن نرى على سبيل المثال أن السجين الذي يصدر بشأنه حكم نهائي بالإفراج قد ينتظر لأسابيع حتى تنجز معاملة إطلاق سراحه وتستوفي أوراقه التوقيعات والأختام كافة وتنتقل من مكتب لآخر.

كما نرى أن الشكوى التي يتقدم بها مواطن لأحد أقسام الشرطة تستغرق أسابيع وربما أشهرا حتى تصل للنيابة العامة فقد تتعطل أثناء الإجراءات الأولية أو تتأخر بها إدارات الاتصالات الإدارية أو البريد.

أجد أن هذا المشهد لم يعد مبررا في زمن شعاره ثورة الاتصالات، وقد رأينا بلادنا تستضيف قمة عالمية إلكترونية، ارتبطت فيها عاصمتنا بأطراف الكوكب. ولم يعد مقبولا ونحن في مرحلة تحتفي بها رؤيتنا الوطنية بحقوق الإنسان وجودة حياته.

ختاما فإن الربط الأمني الإلكتروني سيدفع قدما نحو تحقيق العدالة الناجزة إذ العدالة المتأخرة تبقى دائما عدالة منقوصة.