مثل بدوي جميل، فالحوار هو الجمل النونو، بل المولود توه طازه.

( ويسمي حوارًا حتى يتم فطامه بعد ستة أشهر).

وقد يبهر الرائي، قصدي البني آدم وليس التليفزيون، حسب تعريب مجمع اللغة العربية، فالرائي عندما يرى كبر مقدمة الجمل الصغيرون «الحوار» فإما يقول ما شاء الله، أو هب ما أكبره، فيرد عليه أحد المتابعين «ترى ما جاك من الحوار إلا خشمه»، يعني لا تستعجل وسترى العجب.

ويستخدمون هذا المثل في إظهار أن ما حصل شيء لا يذكر، والقادم أدهى وأمر، هذا ما يجري في عالم المزايين، أما في عالم المشايين، إذا جاز التعبير هو الحوار الذي يجري بين الناس، خاصة في المجال الرياضي غير الرياضي، يبدأ بمماحكة بين مشجع النادي الفلاني والنادي المنافس له، فهذا ناديه الأكثر بطولات، والنادي الآخر اخرطي، وبطولاته مشكوك فيها ما هو بالإبرة بل بالشاكوش، فيرد الآخر أخذناها بالذراع، فيجاوبه الطرف الأغر، أقصد الطرف الثاني، صحيح بس مو بذراعكم بل بذراع التحكيم. فيتهكم الثالث، هو بس بذراع، ذا بالحكم واللاينات، والمعلق والمحلل، كلهم كانوا لهم صلة، فيكمل الرابع من بشكة البلوت ويقول يا عمي هذي بطولاتهم كلها غشش، اللي باليد واللي باللسان، واللي بالفار، قلنا الفار راح ينصفنا طلع فار مصلحجي، وما عنده ضمير.

ويستطرد أحدهم يا بويا، ويقصد «بيا بويا» طبعًا الأب وليس البوية التي يدهنون بها الجدران، أأنتم ما سمعتم «داك» المحلل، الذي لهم حق أسموه محللا، فقد حلل كل الأخطاء، ولَم يحرم ولا هدف، خاصة للنادي اللي بالي بالك، فينبري أحد العقال يا جماعة الضرب في الميت حرام خلاص فضوها سيرة، ولا تبكوا على اللبن المسكوب، شيء مضى وانقضى، هذا كلامكم تعيدوه كل يوم، ولا «ندات لمن تحي» فيرد عليه أحد الحاضرين تقصد لا حياة لمن تنادي.. أيوه صحيح جبت الغايبة هذا قصدي، كمان أنت لا تقعد لي على الدقة والدقيقة، يرد خلاص راح انكتم، خبصوا باللغة زي ما بدكم، فيعود أحدهم ويتداخل في الحديث، يعني ما نتكلم، هؤلاء يقلبوا الباطل حقًا وتبغانًا نسكت لهم.

وشوي شوي غني لي وخذ عيني، وتزيد وتيرة المماحكة، فيضرب أحدهم بورقة اللعب بالأرض، قائلًا وبعدين معاكم أنتم ياناس اللي ساكتين، ترى السكوت علامة الرضا، وعلى كدا ما عاد ينجلس معكم، كفاية مجاملات ترى الساكت عن الحق شيطان أخرس. فيزعل الصامتون ويقولون يعني إحنا شياطين، فيرد عليهم صاحب المقولة: اللي على راْسه بطحة يحسس عليها، وينفض المجلس، وتنتهي الجلسة بالصياح، واللي ينسى غثرته وعقاله، واللي الله يكرم القراء يلبس حذاء غيره، واللي ينسى جواله والذي كان بجواره يحطه في جيبه، وآخر لخبطة وتخبيص.

وثاني يوم يجتمعون، ويرجع الكتان كما كان، ويبدأ أحدهم والله جينا مجاملة، ترى إحنا ما حنا شياطين، فيجاوبه أخونا، لا أنتم شياطين ونص، وأزيدكم من الشعر قصر ما هو بيت، إنتم إبليس يستجير منكم، أعوذ بالله من ذي أشكال، ويشتد النقاش ويختلط النابل بالحابل، ولا ينط لي أحدهم يقول إني عكست المثل، أنا مخصوص عكسته لأجل يتماهى مع الحال، وينفض المجلس وهكذا دواليك.

وإلى غد مشرق قريب وإلى أمة عربية واحدة، وسلم لي على الحوار، وياليتنا بقينا على الحوار ابن الناقة، كان اصرف وأنظف.