تسهم المباني بشكل كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، على مدار دورة إنشائها، من مرحلة البناء، إلى الاستخدام، انتهاء بهدمها، ويأتي معظم الانبعاثات من تصنيع مواد كثيفة الكربون، مثل الخرسانة والحديد الصلب، والتي يمكن أن تمثل ما يصل إلى 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية في العالم.

ففي مقال نشر 2019 يتم تسليط الضوء على تأثيرها على البيئة، وفيه أشارت صحيفة «الجارديان» إلى الخرسانة على أنها «أكثر المواد تدميراً على الأرض».

ولمعالجة المخاوف البيئية والصحية المتزايدة المرتبطة بالتوسع الحضري، تزداد شعبية مفهوم المباني الخضراء، التي تمثل تعديلات على خطط التصميم والبناء، لإنتاج المباني التي تكون أكثر أمانًا للبيئة والأشخاص المقيمين فيها، لكن الفكرة فعالة من الناحية النظرية وتعد بنتائج مبشرة.

تهديدات مناخية

أوضح المدير الإقليمي للمجلس الأمريكي للأبنية الخضراء، والناشط البيئي الدكتور محمد الصرف، بأنه مع استمرار نمو سكان العالم بشكل كبير، يواجه الكوكب مجموعة متزايدة من التهديدات المناخية، بداية من استنفاد الموارد الطبيعية إلى التلوث البيئي، ومن تدمير النظم البيئية إلى زعزعة استقرار الظاهرة المناخية، كل شيء مرتبط ببقاء كوكبنا. نظرًا لأن وقف هذا التقدم البشري السريع ليس عمليًا للغاية، يمكننا على الأقل تقليل، إن لم يكن القضاء على التهديدات الناتجة على البيئة. هذا ما يهدف المبنى الأخضر إلى تحقيقه.

التأثيرات الرئيسية

إن التأثيرات الرئيسة للمباني على البيئة، تأتي من العمليات التي تمر بها خلال تواجدها، إذ تحتاج المباني إلى كثير من الطاقة لتشغيلها، وكلما زاد تطورها مع المستشعرات والأجهزة الذكية، زادت الطاقة، وغالبًا ما يفكر المرء في الكهرباء المستخدمة لأضوائنا كمصدر رئيس للطاقة، فاستخدام مكيفات الهواء والمراوح الكهربائية لبقاء الجو باردًا يمثل بالفعل حوالي خمس إجمالي الكهرباء المستخدمة في المباني حول العالم، أو 10% من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي اليوم.

حلقة مفرغة

يُشار إلى تكييف الهواء على أنه «حلقة مفرغة»: فكلما زادت سخونة العالم، زاد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى منشآت التكييف، والتي بدورها تساهم بشكل كبير في ارتفاع درجة حرارة المناخ، فالطلب المتزايد على مكيفات الهواء هو إحدى أكثر النقاط العمياء أهمية في مناقشة الطاقة اليوم، وحذر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فات بيرول، من ذلك، إذ إن هناك ما يقرب من 1.6 مليار وحدة تكييف هواء حول العالم في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 5.5 مليار وحدة بحلول منتصف القرن، ويأتي تزويد الطاقة لهذه المكيفات بتكاليف كبيرة وآثار بيئية، فضلا عن أن الثلاجات والشواحن وسخانات المياه متعطشة للطاقة.

الخطوة الأولى

أضاف الناشط البيئي محمد الصرف، أن هناك كمية سخيفة من الطاقة المهدرة، من الأجهزة الكهربائية التي يتم تشغيلها أثناء عدم استخدامها، إذ يُهدر ما يصل إلى 30% من الطاقة في منازلنا، وفقًا للباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وأوضح بأن المباني الخضراء هي الخطوة الأولى، في جعل التحضر مستدامًا، والحفاظ على كوكب قابل للتنفس للأجيال القادمة، على الرغم من أن الاستثمار الأولي قد يثبط عزيمته على البعض، إلا أن تكاليف الطاقة والموارد التي ستوفرها هذه المباني، على مر السنين، تضمن سداد العديد من الأموال للمستثمرين. ولكن الأهم من ذلك كله، أن المباني الخضراء ستساعد في خلق جو داخلي آمن، وخالٍ من الملوثات، حيث يضمن رفاهية العمال والمقيمين.

الحد الأدنى

قال الصرف: بالنسبة للبعض، قد تكون التكلفة الأولية لتشغيل مبنى أخضر باهظة «يمكن أن يكلف إنشاء شبكة شمسية خاصة، على سبيل المثال بعض المال» ولكن التوقعات واعدة أيضًا. على الرغم من أن التحول الكامل إلى مبادئ المباني الخضراء في جميع أنحاء العالم، قد لا يكون قابلاً للتطبيق في أي وقت قريب، إلا أن اتخاذ المبادرة الآن، وإنشاء سابقة إيجابية أمر مطلوب، أكثر من أي وقت مضى لإنقاذ كوكبنا.

وأضاف: المباني الخضراء وحدها، لا تكفي لتحويل مسارنا المحفوف بالمخاطر. الرؤية الأوسع للاستدامة أمر حتمي لمواجهة التحدي في العالم، لذا يجب أن نقرر ما إذا كنا على استعداد لتغيير سلوكنا، كالهجرة نحو مدن أكثر كثافة سكانية وتنوعًا واستدامة، فقط من خلال تغيير السلوك - وخاصة الزحف العمراني في الضواحي وما يصاحب ذلك من أسلوب حياة كثيف الكربون - يمكن لنا الوصول إلى التوازن البيئي، كما يجب أن تكون استراتيجيات تعظيم إمكاناتنا الحيوية، والبنية التحتية الموجودة في مراكزنا الحضرية، هي الأساس لأي تعريف للاستدامة.

فوائد البنية التحتية الخضراء

• تحسين الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية ورفاهية الإنسان

• تحسين سبل العيش، وجودة الهواء والحد من الضوضاء

• الحد من تأثير الحرارة، وتوفير الحماية من الظواهر الجوية المتطرفة

• إدارة أفضل للمياه من خلال تقليل جريان مياه الأمطار والفيضانات، وإعادة تغذية المياه الجوفية وتحسين جودة المياه

• الحفاظ على البيئة الحضرية الصحية، وإنشاء وربط موائل للنباتات والحيوانات

• إنتاج الغذاء المحلي «حدائق مجتمعية وشوارع وبساتين ومزارع حضرية»

• تعزيز قيم التجارة والممتلكات والرعاية الصحية، وتوفير الطاقة وخدمات النظام البيئي.

عيوب المباني الخضراء

01

التكلفة الأولية مرتفعة

02

عدم توافر المواد

03

الحاجة إلى مزيد من الوقت للبناء

04

الحاجة إلى أيدٍ عاملة ومكاتب هندسية ماهرة