يتأكد لي من موقف إلى موقف, ومن مناسبة إلى أخرى, أن الشاب السعودي طيب لدرجة يصبح من السهولة استدراجه.

فقد استرعى اهتمامي دعوة منشورة في بعض الصحف السعودية تدعو شبابنا على وجه التحديد إلى ما أسمته (بمعسكر نادي ريال مدريد الصيفي), وهو حدث كان يجب أن نترفع بشبابنا وقيمنا ومنزلتنا الدينية والثقافية والاجتماعية عن إقحامهم فيه, لكن من المؤسف أن نتبنى مثل هذه الزيارات غير المفيدة وغير المرحب بها من الأساس لاعتبارات عديدة منها:

أولا: ليس الشاب السعودي بهذه البساطة أن يستدرج إلى معسكر ناد رصيده التاريخي لا يشفع له على الأقل لنا كمسلمين وعرب بأن نناصره لدرجة الترحال إليه. فالتاريخ يقول إنه صنيعة منظمات يهودية مع مطلع القرن المنصرم, قائم على الدعم اليهودي القوي بالعاصمة مدريد, ورأسه إلى الآن (13) رئيسا من اليهود، فضلا عن موقفه المخجل ضد قائد الفريق الأول إيكر كاسياس عندما أهدى فوز إسبانيا بكأس العالم صيف عام 2010 بجنوب أفريقيا، لسكان مدينة غزة المحاصرة, حينها قامت قائمة الإدارة الحالية المعروفة بصلاتها اليهودية, وكذلك صلة مدرب الفريق الحالي بمنظمة رئيس الوزراء الصهيوني شمعون بيريز ودعمه المادي والمعنوي لها أمر غير خفي!

ثانيا: إن أشد ما يضحك المطلع والمتابع الفطن أن صحفا سعوديا وقناة سعودية رسمية تدعم هذه الرحلة غير المرحب بها, والإشكالية لا تعدو أحد أمرين:

إما جهل من هذه الجهات بالخلفيات التاريخية والثقافية لنادي ريال مدريد وأن حدود علمها فقط نتائج مباريات تعرض على الشاشة, وهؤلاء للأسف لا يجب بحال من الأحوال أن نضع مسؤولية شبابنا بين أيديهم ولا أن يكونوا وراء مبادرة تعنى بالشباب!

وإما أنه لا مبالاة وعدم اكتراث بقيمة ومكانة الشاب السعودي لدرجة عدم الاهتمام بما يمكن توجيهه إليه من مناشط وبرامج تقدم له الفائدة التي تبقى في ذاكرته ويستخلص منها دروسا في حياته المستقبلية والثقافية والذهنية.. وهذه إن حدثت بهذا التفسير, فهي طامة كبرى يتوجب على الجهات الرسمية أن تقف بكل قوة, وأن تحول دون إتمام مثل هذه المبادرة المخجلة التي لن تضيف لأي شاب سعودي يذهب لمجرد معسكر تبقى إمكانية مقابلته أي لاعب بالفريق الأول غير مضمونة بجدول العرض المنشور وأن ذلك يأتي ضمن صلاحيات المدرب وبالتالي ستكون رحلة الألفي ميل مجرد عبث ومخاطر وفوضى!

كنت أتمنى من القائمين على هذه الدعوة لو ذكروا أنهم سيأخذون شبابنا إلى متحف اللوفر بباريس, أو إلى مقر الفيفا بزيوريخ, أو إلى مقر اللجنة الأولمبية الدولية بلوزان, أو إلى مدينة لندن التي ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية هذا الصيف، أو إلى ملاعب الجولف بأسكتلندا، أو إلى أكاديمية أسباير بالدوحة، أو إلى المتحف الرياضي الوطني الأمريكي, ما دام التوجه هو شأن رياضي بحت، لكن يبدو أن القائمين على هذه الدعوة لا شأن لهم بثقافة أو فكر أو نحوه.

أكرر مناشدتي بوقف هذا العبث بشبابنا, وأن تتم محاسبة من يقفون وراء مثل دعوات بهذا المستوى وهذا الفكر, فليس الشاب السعودي بهذه الدرجة من الفراغ وقلة المسؤولية بأن يذهب آلاف الكيلومترات من أجل معسكر فريق.

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.