انطلقت الجماعات الإسلامية الراديكالية من أيديولوجيات منحرفة وأفكار متفلتة، وأدبيات متزمتة، وتصورات غارقة في الأوهام، شاذة في الآراء، فاكتسبت من ضيق الأفق شدة، وقد يزداد من ضحالة الفهم صلابة، مما يفضي لتصادم يستحيل معه بناء ثقافة السلام وأمن التعايش وبناء الأوطان.

حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، التى أرسلها لتعبئة أذهان بريئة بأفكار مشوهة، تدعو لاستخلاف الأرض ومن عليها في دعوة عبثية فوضوية. وأدبيات مُنظر الجماعة، سيد قطب، ذات الطابع الراديكالي الأصولي، جاءت لتضع محددات وإطارا عاما لهوية مشروع دموي يعبث بأمن المنظومة المجتمعية، القائمة على الولاء والانتماء لأوطانها، من أجل إعادة تصنيف المجتمعات بشكل مؤذ لـ«دار جاهلية» و«دار إسلام»، وتجعل من الشعور الوطني منبوذا بهدف إقامة دولة الخلافة، مختزلة بذلك الإسلام في مشروع سياسي، وأداة لغايات وأهداف دنيوية، مما يعكس ما وصلوا إليه من ترد فكري، وانحدار أخلاقي، واختلال في ميزان الوعي.

تفلت جماعة الإخوان من الثوابت والمنطق الرصين لمصلحة الفهم الطائش واعتناق السطحية، وجعلتهما أرضية لتلقي الإسلام وغاياته، مما أدى بهم للتمترس بتنظيم أعمى وكيان هلامي، انتحل ظلما وجورا صفة الإسلام، بقيادة مرشد يُبايع تحت ظلال السيوف والمسدسات، مرشد مزج بين عباءة الفقيه وسيف السلطان، فانسلوا من فضاء الوسطية والرفق لبؤر التشدد والإرهاب تحت سياط النزعة للسلطة، وفق أدبيات تبرر السلوك القبيح بمبادئ حق تقتطع وتجتزأ من النصوص الشرعية، وتعتسف تأويلها، بما يتماشى ومشروعهم الظلامي، وتشرعن أطماع تنظيمهم الحزبي في السلطة، فقادتها انتهجوا خطابات ملتهبة ممزوجة بالكراهية والتشفي، لاستقطاب العقول الهشة من أجل إيجاد توجه جمعي يهدف لخلخلة منظومة الأمان بالدول العربية من أجل شلها لبناء دولة الوهم المزعومة.

لهذا افرغوا الشعارات الدينية من مضامينها، وأطلقوا أيادي كتائبهم المسلحة لما يسمونه «العنف المقدس» تحت مظلة دينية، تلطف العنف وممارساته لغاية سياسية، في إطار معركة مقززة، تستسهل ارتكاب المحرمات واقتراف الجرائم والمنكرات، وإن حصدت أرواح الأبرياء دون أدني وازع من الشفقة والرحمة، لتغلق كل مسامات التسامح والتفكير الرشيد، لتصل لأفق مسدود، تجلى في الكراهية المتصلبة، والحقد والتربص تجاه الآخر.

أيديولوجيا تجعل من المنتمين للتنظيم مجرد أداة لتحقيق أطماع قادته في السلطة، فأصبحوا جنودا وضحايا في آن واحد، براديكالية فجة، تتقن فن الحذف والإقصاء بالتصفية، فالإرهاب منهجها والعنف أسلوبها والاغتيال وسيلتها.

راديكالية عدوانية تجاوزت كل الأطر والحدود بين ما هو ثابت ديني ومتغير سياسي بثنائية عنيفة: نمسك بزمام السلطة أو نقتل باسم الجهاد.

راديكالية بالغة في الفظاعة والقسوة، تحاكي فرعون في أوج عربدته وذروة استكباره. صفوة القول إن الإخوان المسلمين جماعة مارقة لا تقل شرا عن ملالي إيران، وتنظيم حاقد على الأوطان، غايته السلطة وإن لجأ للروغان أو تستر بالأعذار، سقطت أقنعته وانكشفت سوءاته وإن لمع صورته الإعلام القطري المزيف.