في عالم المؤسسات اليوم أصبح التجديد والتغيير هو الوضع الطبيعي الجديد، حيث إن محاولة القدرة على التكيف المؤسسي لم تعد كافية، فالمؤسسات قد تضعف وتفشل، والشيء الوحيد الذي يبقى هو التغيير، حيث إن صفة التغيير خالدة ولا يمكن التنبؤ بها، ولذلك يتطلب الآن من المؤسسات التي تحاول أن تثبت نجاحها أن تستعيد قوتها وثباتها، وتنسجم مع التحولات الحديثة التي لامست جميع الجوانب، ومنها تراجع الاقتصاد العالمي، والتغيير في جميع الاحتياجات. فعلى سبيل المثال الأزمة التي اجتاحت العالم في 2020م عند انتشار فيروس كورونا (Covid-19)، واُعتبر تهديدا للعالم بأسره، وطال الضرر مختلف المؤسسات، سيكون الانسجام ممكنا إذا سارعت المؤسسات في تجديد النظام المتبع، وكسرت الخوف من التغيير، والانسحاب من المغامرة في المجهول الذي يشعر به بعض القادة، وذلك من خلال اختيار نمط القيادة الملائم للأوضاع الراهنة.

فمن المعلوم أن القيادة هي الركيزة الأساسية لعمل أي مؤسسة، والسبب الرئيس في قوتها وتطورها، والأسلوب القيادي المتبع له دور كبير في التأثير على كفاءة المؤسسة ونجاحها، وله دور في السيطرة على التحديات التي تقف أمام تحقيق أهدافها، وإيجاد حل جذري لشتى المعوقات التي تواجهها. ولذلك على القائد أن يكون مطلعا محفزا واعيا قادرا على صنع بيئة مشجعة مبتكرة لكل ما هو جديد، فعندما تسعى المؤسسات إلى تحقيق الازدهار في ببيئة تنافسية متغيرة سيكون الابتكار شيئا من الأولويات التي لا بد من توظيفه.

وتعد القيادة الابتكارية إحدى الركائز الرئيسية في عملية التغيير واختيار النمط القيادي الملائم للمؤسسات التي تبحث عن التفاعل الجيد مع المجريات المتلاحقة، حيث إن هذا التفاعل يتطلب رؤية خصبة، وقدرات ابتكارية وفنية عالية، وممارسة عمليات أكثر فاعلية. والمؤسسات التي تفتقد إلى الابتكار، وما ينتج عنه من إبداع وتميز، ستصبح نهايتها الانهيار؛ لعدم قدرتها على الصمود أمام الأزمات. تتميز القيادة الابتكارية عن غيرها من القيادات باستثمار الأفكار القديمة وتجديدها، وتوليد أفكار حديثة غير مألوفة، وتنفيذها على أرض الواقع.

فالقائد الابتكاري يتميز عن غيره بقدرته على تحليل المشكلات تحليلا مختلفا، وإيجاد حلول إدارية مبتكرة، وتوجيه الموارد البشرية بنمط ابتكاري.

ولا شك أن التغيير معدٍ، فإذا ساد الفكر الابتكاري في جميع جوانب المؤسسة، فسيتيح المجال لدى العاملين للابتكار والتغيير والارتقاء بعمليات المؤسسة.

ومن هنا، فعلى المؤسسات المختلفة أن تدرك الإيجابيات التي ستعود على المؤسسة مستقبلا حينما تولي القيادة الابتكارية الاهتمام الكافي، وعليها بذل الجهد والوقت والمال في تنمية وتطوير المهارات الابتكارية والإبداعية لدى قادتها، فالابتكار ليس طريقة نمطية عادية بل عملية تعتمد على الفكر المرن والواعي، المتحرر من القيود التقليدية ومخاوف التغيير.