حسب تصريحات مصادر مطلعة في وزارة التعليم، التي تناقلتها الأخبار أخيرا، فإن الوزارة تعتزم دمج مواد التربية الإسلامية لطلاب وطالبات التعليم العام في مقرر واحد تحت مسمى «الدراسات الإسلامية» بدءا من الفصل الدراسي الثاني لهذا العام 1442، وهو ما يأتي ضمن تطوير المناهج بحسب الوزارة.

وأوضحت المصادر أن الدمج لن يمس الثوابت الدينية بل سيعزز من قيم الإيمان، ويرسخ الاعتزاز بالهوية الإسلامية، وكذلك لن يؤثر على الوظائف التعليمية.

وبلا شك، وكأي قرار جديد، فقد انقسم الناس حوله ما بين مؤيد ومعارض، وبغض النظر عن دمج أو فصل المواد، والإيجابيات أو السلبيات المترتبة على هذا الدمج - إن وجدت - فنحن نثق كثيرا بوزارتنا الموقرة، التى لا شك أنها لن تألو جهدا فيما يحقق المصلحة العامة للطلاب والطالبات، بما يتماشى مع ثوابتنا وقيمنا الإيمانية، وأيضا بما يحقق «رؤية المملكة 2030» تحت ظل قيادتنا الرشيدة. من وجهة نظري، أن الكيف ونوعية التعليم - عموما - أهم بكثير من الكم والحشو المعرفي المجرد، والساعات التعليمية الطويلة التي لا طائل منها، والتي قد تؤدي لملل الطلاب وتشتتهم. فبإمكاننا أن نجعل مواد التربية الاسلامية، أو مقرر «الدراسات الإسلامية»، أكثر عمقا وفاعلية بربطها وربط ما تحمله من قيم ومبادئ بالإنسان، وجعلها أكثر واقعية في حياتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا اليومية من خلال الذات البشرية بدلالاتها وأبعادها النفسية والاجتماعية.

أي أننا على سبيل المثال حين نتحدث عن موضوع «الكذب» في الفقه أو الحديث لا نكتفي بأن نقول إنه لا يجوز شرعا في الإسلام، وإن جزاءه كذا وكذا، وإن الصدق حث عليه ديننا ووو.. بشكل مجمل دون أن نربطه بدلائل هذه الخصلة (الكذب)، وانعكاساتها على الشخصية وسماتها النفسية، التي يحرص كل فرد على تحسينها، حيث بإمكاننا الاستطراد والتفصيل بأن الكذب، بالإضافة لما سبق، هو دليل ضعف، وأن من يمارسه يفتقد تقدير الذات المؤدي لضعف الثقة بالنفس وهكذا.

وأيضا عندما نتحدث مثلا عن أجر وفضل الصدقة على المحتاجين يحسن بنا أن نربطها بنتائجها على المشاعر الوجدانية، وتأثيرها بين مكونات المجتمع، وبإمكاننا كذلك عندما نتحدث على سبيل المثال عن مكارم الأخلاق وفضلها والأجر المترتب عليها أن نعزز في نفوس الطلاب والطالبات روح الإيجابية، والنظر لمعالي الأمور، وتحقير سفاسفها، والحث على العطاء والمبادرات المجتمعية، وسرد قصص العظماء على مر التاريخ الذين لهم بصمة ودور كبير في التغيير، وزرع شعور المسؤولية فيهم، ليكونوا أفرادا فاعلين، تتسامى أفكارهم لتتخطى رغباتهم واهتماماتهم الشخصية في سبيل خدمة البشرية، والسعي بجدية للارتقاء بمجتمعهم ووطنهم على حد سواء.

مثل هذا الربط بين ما تحتويه المواد الدينية، وبين الواقع وحياة الناس وبثه في النفوس يحتاج أيضا معلمين ومعلمات أكثر كفاءة وتميزا وإبداعا في إيصال المعلومة، والقدرة على ممارسة هذا التأثير، لتؤدي هذه المواد أو المقررات دورها على أكمل وجه.

وبغض النظر، كما ذكرت، عن الفصل أو الدمج، فالمهم هو الكيف وليس الكم.

ومن هذا المنبر أقترح أن تضاف مواد مستقلة مثل مادة نسميها «مهارات حياتية» أو مادة «الأخلاق»، أو تلحق كفصول مستقلة ببعض المواد، ولكن بشكل مكثف.