دائمًا ما يتردد إلى أسماعنا «تكريم المتفوقين»، تلك المكافأة المادية أو المعنوية التي يحصل عليها الدارسون تقديرًا لاهتمامهم وحرصهم المؤكد على مستقبلهم الأكاديمي، إلا أننا نادرًا ما نسمع عن نقيضهم، عن المتعثرين أو حتى أولئك الذين يقعون في منتصف منحنى الجرس لا متفوق ولا متعثر، ألا يستحق التكريم؟ طبيعي أن تتساءل الآن عزيزي القارئ، على ماذا أكرمهم؟ هل أكرمهم على إخفاقهم؟ وبماذا أكرمهم؟

عندما تمر بنا مفردة «تكريم» غالبًا ما يتبادر إلى أذهاننا المكافآت بصورها المختلفة، وهي صور ضيقة جدًا لمفهوم واسع، فالتكريم تعبير عن الاهتمام والتقدير، ولو تأملنا لوجدنا أن كل طالب علم هو مجتهد، وبغض النظر عن مقدار اجتهاده فهو يستحق اهتمامنا وتقديرنا، لكن ليس بتلك الصورة المرتبطة بتقدير المتفوقين.

إن إكرام المتعثر يتمثل بدراسة حالته والكشف عن مواطن قوته لتعزيزها ومواطن ضعفه لتقويمها، فليس بالضرورة أن كل متعثر هو غير مثابر، فهناك أسباب عدة تحول بين المتعثر وقدرته على التفوق، ولا يمكن الكشف عنها إلا بعد دراسة حالته.

ترك مصير المتعثر لمحاولاته الذاتية دون توجيه وإرشاد هو إهدار لوقته وجهده، واستنزاف لموارد المؤسسة التعليمية، وهذا هو حال بعض الطلبة اليوم في تعليمنا العالي، بحيث يخفق في مقرر وربما يستمر في إعادته لأكثر من مرة دون توجيه مقنن يرسم طريقه للتغلب على التحديات التي يواجهها.

وهذا يدعونا إلى النظر في دور مراكز وحدات التوجيه والإرشاد في المؤسسات التعليمية، وما تقدمه من خدمات للطلبة لتجاوز العقبات التي تعتريهم أثناء تعلمهم، يُعرف المتخصصون التوجيه والإرشاد بعملية مساعدة الفرد على اكتشاف الطرق المختلفة التي يستطيع من خلالها استخدام إمكاناته وقدراته، وتعليمه ما يمكنه من أجل أن يعيش في أفضل حال بين مجتمعه.

كل طالب يستحق مساعدة في أن يكتشف سبل استخدام إمكاناته وقدراته التي تعينه على مجاراة أقرانه، وذلك ربما يكون عبر تفعيل دور مراكز التوجيه والإرشاد في دراسة حال الطلبة المتعثرين، وإقامة النشاطات التي تسهم في تنميتهم وتطويرهم.

إن الاهتمام بالمتعثرين لا يقل أهمية عن الاهتمام بالمتفوقين، بل ربما يكون أكثر أهمية أحيانًا، خصوصًا عند النظر إلى مقدار الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تلحق المتعثرين وأسرهم.