في أحد المقاطع القصيرة المستقطعة من برنامج تلفزيوني ظهرت سيدة تقول، إن أحد أساتذتها في هذا العلم الذي تتحدث عنه قال لها: (أنتِ شايفة أغلب المرضى يقولون إن فيهم حسد وسحر وعين، وإنهم يشوفون جن ويسمعون أصواتهم، وفي الحقيقة بعد أخذ التحاليل عليهم تبين أن عندهم نقص فيتامين B1 و B2 بشكل حاد وبس).

المهم ونظرا لأهمية كل كلمة ظهرت في هذا المقطع الذي لم يتجاوز الدقيقة الواحدة، بحثت أكثر من ساعتين عن المقطع الأصلي وبعد أن وجدته تبين أنه مستقطع من حلقة كاملة من برنامج (سوالف ضحى) على قناة الشاهد الكويتية، وكانت هذه الحلقة بعنوان (فلسفة التغذية العلاجية والأمراض الروحية) وكانت هذه السيدة هي أمل الأنصاري - عضو دولي في هيئة الغذاء البيولوجي في ألمانيا ومؤلفة العديد من الكتب في التغذية العلاجية، وكان لها مشروع للحصول على براءة اختراع لعلاج كورونا مؤخرا- وللأمانة لم أندم على دقيقة واحدة أمضيتها لمشاهدة هذا اللقاء كاملا بل وخرجت منه وكأنني قد حضرت «كورس مكثف» في هذا المجال.

الأنصاري تقول بمختصر الحديث إن غذاءنا هو انعكاس لما نحن عليه، فتقول إن 90 % من الخلافات الزوجية والمشاكل الأسرية، وارتفاع معدل العصبية في التعامل وقسوة القلب، بل وحتى تحول الأنثى وخصوصا فترة المراهقة وكأنها (ولد) وتحول الولد إلى مظهر أنثوي بصوت ناعم وتثدي على غير تناسق مع الوزن، يعود لغذائنا.

بل وذهبت لأكثر من ذلك إذ تقول إن المجرمين والشواذ بل وحتى قتلة الأطفال على سبيل المثال أو ذوي الميول الحادة، بدأ يظهر عليهم التغيير بمجرد أن تم تغيير النمط الغذائي لديهم، وأنه يمكن تغيير أغلب مشاكلنا سواء الصحية أو أبعد من ذلك فيما يخص الصحة أو الراحة النفسية او الاسترخاء أو زيادة معدل الذكاء، أو الابتعاد عن الخوف والقلق، أو حتى التحكم في إنجاب ولد أو بنت، كل ذلك له علاقة بما نتغدى عليه، وطريقة أكلنا له.

ولكن الجانب المهم هو ما ذكره لها من وصفته بأنه والدها الروحي وهو الطبيب المصري مصطفى محمود، والذي طلب منها في حال قدم إليها مريض يشتكي من هلوسات أو سماع أصوات أو يرى أجساماً غريبة أو أشخاصاً يمرون من أمامه فعليها أولا أن تأخذ منه عينة للدم تُظهر مستوى الفيتامينات، وتعوضه فيما يكون ناقصا لديه، وبهذا شفيت أغلب الحالات التي عالجتها في الكويت بهذه الطريقة لاحقاً، و كانوا يعانون في السابق من القلق والاكتئاب والتشنج والصرع ونوبات الإغماء والعزلة وغيرها وبالتالي أبعدتهم عن دهاليز من يدّعون الرقية الشرعية والنفث والشعوذة مقابل الأموال، بل وذكرت حديث النبي- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - أن ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب قال منهم: (الذين لا يَرْقون، ولا يسترقون) أي لا يرقون أحدا ولا يطلبون من أحد أن يرقيهم، لأنها تقول إن هناك بصمة بين الأمراض وبين صوت المريض، فأنسب الرقية هي رقية المريض لنفسه.

ما أريد قوله إننا نتوارث أن ننسب كل ما لا نفهمه إلى الجن والشياطين، فتجد أن بعض أسلافنا قد وصفوا الفاكس وقبله التليقراف وغيرها كالراديو والتلفزيون بأنها شياطين وجن، واليوم أصبح أبناؤنا لا يعيشون بلا هذا «الجن» بعد أن فهموه، ولكن عدم فهمنا بآثار نقص الفيتامينات يجعل من الطبيعي أن تجد بيننا من يقول «شفت جني».