على الرغم من أن البحث العلمي يشكل ركيزة أساسية لمنظومة الجامعات على مستوى العالم، بصفته أحد الأركان التي تبنى عليها تصنيفات الجامعات محلياً وإقليمياً ودولياً، ويعول عليه لتحقيق التنمية والتطوير، ويلبي الحاجات المجتمعية، ومتطلبات المؤسسات الإنتاجية.

وإيماناً بهذا الدور، جعلت الجامعات البحث العلمي من أهم وظائفها الأساسية ورصدت له الميزانيات الكبيرة، وقدمت لأجله الهبات والمنح بما يحسن جودته، ويمكنه من تسويق منتجه الأسواق المحلية والدولية.

إلا أن عوائق عدة أثرت بشكل مباشر في البحوث العلمية الصادرة عن بعض الجامعات السعودية، من حيث الكيف والكمية، جعلت منها بحوثاً لا يستفاد منها، كأنها غير ملبية للتطلعات والمنافسة في هذا المجال، لتبقى مع هذا الوضع، مجرد أفكار حبيسة الأدراج.

استدامة مالية

أكد عميد عمادة البحث العلمي بجامعة نجران، الدكتور ماطر حسين محنشي، أن عدم وجود استدامة مالية يأتي في مقدمة المعوقات التي تواجه منظومة البحث العلمي دولياً ومحلياً، وقال «الدعم المادي لإنتاج بحوث علمية رصينة مهم جداً لتوفير المعامل البحثية المجهزة بالمعدات والمواد البحثية والكوادر العلمية المؤهلة».

وأضاف «من المعوقات التي تواجه البحث العلمي، غياب أو صعوبة الشراكة بين الشركات والمصانع ذات العلاقة، والجامعات السعودية الغنية بالكوادر العلمية التي تنتج بحوثاً علمية بكميات صغيرة، وفي ظل عدم وجود تبنٍّ لهذه الأفكار البحثية والإنتاج المميز من قبل الشركات والمصانع لإنتاجها وتحويلها إلى منتج يسوق فعلياً، فقد تكون هنالك صعوبة لتطوير وتحسين هذه الأفكار التي قد تبقى دفينة المكاتب، وحبيسة الأدراج».

وتابع «ومن الصعوبات التي قد تشكل عائقاً أمام منظومة البحث العلمي، صعوبة توفير الأجهزة والمستهلكات البحثية لعدم وجود الشركات العالمية التي تصنعها أو توفرها، وبالتالي الاضطرار إلى طلبها من الخارج، وهذا يتسبب في تأخر وصول تلك المعدات الهامة لتفرات قد تمتد عدة أشهر، وفي بعض الأحيان عدم وصولها نهائياً، لذلك تكلم كثير من المهتمين بالبحث العلمي محلياً وعالمياً عما يسمى هرم التميز البحثي الذي يرتكز على ثلاث ركائز مهمة، هي بنية تحتية بحثية مهيأة، وكوادر علمية مؤهلة، وبحث علمي متميز».

نقص الكوادر

أشار عميد الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة جازان، الملحق الثقافي السعودي في اليمن سابقاً، الدكتور علي بن حسين الصميلي، إلى أن «البحوث التي تتناول التخصصات العلمية، تواجه عوائق أكثر من تلك التي تتناول التخصصات الأدبية، وذلك لعدم توفر التجهيزات التقنية والمعامل والمختبرات الكافية، إضافة إلى نقص الكوادر، وعدم توفر الخبرات العلمية الكافية في مختلف المجالات البحثية، علماً بأن وسائل الاتصالات الحديثة أسهمت في تذليل جزء كبير من هذه الصعوبات، فضلاً عن عدم تأمين الدعم الكافي للمشاريع البحثية العلمية».

وأضاف «على الرغم من الإنفاق السخي الذي تقدمه الدولة للتعليم، فإن الميزانيات التي تخصصها الجامعات السعودية للبحث العلمي غير كافية لتحقيق التطلعات والمنافسة، وينبغي وضع استراتيجيات خاصة للبحوث العلمية تتحدد من خلالها أهمية هذا الجانب والصرف عليه بسخاء، ومراجعة هذه الاستراتيجيات باستمرار، لمعرفة ما تحقق وإزالة العقبات التي تتضح مع الوقت، كما ينبغي وضع جوائز سنوية للبحوث العلمية المتميزة، إذ إن تلك البحوث هي التي ترفع من أسهم الجامعات والمؤسسات العلمية في التصنيفات العالمية، وتعد المؤشر الرئيس على الخط العلمي لها، كما ينبغي إيجاد آلية للاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في مجال البحوث العلمية».

تحديات البحوث

يشدد مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد، الدكتور عبد الرحمن بن حسن المحسني، على أن «البحث العلمي يسهم في تتبع المشكلات الإنسانية وتشخيصها وتقديم الحلول العملية لها، ويكفي أن ننظر إلى الدول الأكثر تقدماً وعنايتها بالبحث العلمي، ودعمها له مالياً ولوجستياً لتتيقن من ذلك، وأعتقد أن أهم التحديات التي تواجه البحث العلمي تأتي من أمرين:

الأول: يتعلق بالدعم المالي من المؤسسات، فما يخصص من دعم للبحث العلمي في المؤسسات يعد مشكلة كبيرة تواجه مراكز البحوث، وبحكم عملي مديراً لمركز البحوث فإننا نجد مشكلة كبيرة في الدعم الكافي، وفي إقناع المؤسسات التجارية بدعم البحث العلمي.

والثاني: هو عدم انفتاح الباحثين أنفسهم على قضايا ومشكلات حيوية للمجتمع، وهي مشكلة أخرى تتصل بالبحث العلمي الذي يبتعد في كثير منه عن مواجهة القضايا المتجددة والمتصلة بالمجتمع، وكان من المهم التوجه لقضايا تباشر هموم المجتمع وقضاياه الحيوية، ولعل الجامعات تعيد النظر في مسارات البحث العلمي وتعقد علاقات وطيدة مع مصادر صنع القرارات التنموية للوطن، ومع استراتيجيات رؤية المملكة 2030 للمشاركة في بناء بحث علمي داعم للتنمية والتطور».

عوائق تواجه البحث العلمي

- غياب الاستدامة المالية

- أركان يبنى عليها تصنيف الجامعات

- البرامج التعليمية

- البحث العلمي

- الخدمة المجتمعية

- غياب الشراكات بين المؤسسات والمصانع والجامعات

- صعوبة توفير الأجهزة والمستهلكات البحثية

- نقص الكوادر والخبرات العلمية المؤهلة

- الميزانية المخصصة للبحث العلمي غير كافية

- عدم انفتاح الباحثين على قضايا المجتمع