خلال الحرب الأهلية الإسبانية، كان «آرثر كوسلر» يجلس في بيت مريح لأحد أصدقائه أثناء بث أخبار تقدم جيوش «فرانكو» إذ لم يكن هنالك من شك بأنها ستصل ليلا وبأنه سيقتل على الغالب. كان بإمكانه أن يهرب وينجو، لكن الليل كان باردا وممطراً، والبيت دافئ ومؤنس، فبقي وأسر. ولم ينج إلا بأعجوبة، بعد بضعة أسابيع بجهود بعض الصحافيين الأصدقاء. هذا النوع من التصرف يحدث أيضا عند الذين يتعرضون للموت عوضا عن القبول بكشف طبي عن مرض عضال، قد يتطلب إجراء عملية جراحية هامة.

تكوين مجتمع جديد

بجانب تلك التفسيرات للسلبية الإنسانية القاتلة في قضايا الموت والحياة، وجد «إريك فروم» تفسيرا آخر كان أحد أسباب كتابته هذا الكتاب «أن تملك أو تكون». كان يشير إلى الرأي القائل بأنه لا خيارات لنا في نماذج المؤسسات الرأسمالية، الاجتماعية الديمقراطية، أوالتكنوقراطية «الفاشية ذات الوجه الباسم» - حسب تعبيره - وكان أهم غرض لهذا الكتاب هو تحليل نهجين أساسيين في الوجود هما نهج «المُلك» ونهج «الكون». في فصل الافتتاح قدم فروم بعض الملاحظات كـ «لمحة أولى»، اختصت بالفرق بين النهجين. الفصل الثاني يبين الفرق، باستعمال بعض الأمثلة من التجربة اليومية. الفصل الثالث يقدم آراء في «المُلك» و «الكون» في العهدين القديم والجديد، وفي كتابات المعلم «أكهارت». أما الفصول الأخيرة فتتكلم عن علاقة هذين النهجين بتكوين إنسان جديد ومجتمع جديد، يمكنهما تقديم خيارات بديلة لوهن شخصية الفرد المريضة ولتقدم الكارثة «الاجتما-اقتصادية» في العالم أجمع.

الثراء الروحي

يقول فروم إن كلا من معلمي الحياة الكبار جعل الخيار بين «المُلك» و«الكون» منطلقا أساسيا لنظامه. البوذية تعلم أنه للوصول إلى أسمى درجة من التطور الإنساني، لا ينبغى اشتهاء الممتلكات، والمسيح يعلم: «من أراد خلاص نفسه أضاعها ومن أضاع نفسه من أجلي وجدها، إذ ما ينفع الإنسان لو خسر نفسه وربح العالم أو صار منبوذا». أما المعلم «أكهارت» فعلم أنه يجب ألا يكون لديك شيء وأن تفتح نفسك «وتفرغها» ولا تترك «الأنا» تقف حائلا دون وصولك إلى الثراء الروحي والقوة الروحية.

الحب لايتغير

لشرح أفكاره عن ماهية الإنسان الجديد، الذي يكون مجتمعا جديدا، يخوض فروم في تقديم مفاهيم فلسفية في «الكون»، مذكرا بأن الحديث عن مفهوم الكون معقد جدا، لأن الكون كان موضوع بحث لآلاف من الكتب الفلسفية، وما هو الكون؟ كان أحد الأسئلة في الفلسفة الغربية. بينما هو يؤطر مفهوم الكون من ناحية نفسية ومن ناحية علم أصول الشعوب، ويشير إلى أنه إذا كانت فكرة الحب «عند أفلاطون» أكثر واقعية من تجربة الحب، يمكن القول بأن الحب دائم لا يتغير كفكرة. أما عندما نبدأ بواقع الإنسان الموجود، المحب، الكاره، المعذب فهنا لا يوجد كون لا يصير ولايتغير. التركيبات الحية لتصير يجب أن تكون، أو لتتغير يجب أن توجد، لأن التغير والتموصفات أساسية.

المستهلكون الحديثون

يبحث فروم في نهجي الملك والكون في الوجود، عبر شرح بعض الأمثلة البسيطة، فيذكر ظاهرة الإدخال في الجسد، «الجسد التجاري مثلا عند تأسيس شركة ما». فإدخال شيء في جسد ما بأكله أو بشربه هو شكل معروف من أشكال امتلاك هذا الشيء. الطفل في مرحلة معينة من نموه يميل إلى أخذ الأشياء التي يريدها إلى فمه. هذا هو الشكل الذي يمتلك به الطفل عندما يكون جسده لايزال عاجزا عن استخدام أشكال أخرى للسيطرة على ممتلكاته.

وتوجد العلاقة نفسها بين الإدخال في الجسد و «الامتلاك» في أشكال متعددة من أكل لحوم البشر. فمثلا، بأكل إنسان آخر أكون قد حصلت على قوته، وبأكل قلب إنسان نشيط أكون قد حصلت على نشاطه، كذلك بأكل حيوان رمزي أكون قد حصلت على المادة الإلهية التي يمثلها.

ويتابع فروم بأن هناك أشكالا أخرى من الإدخال في الجسد، لا علاقة لها بالحاجات الجسدية، حيث التصرف السائد في الاستهلاكية هو ابتلاع العالم كله. ليصل إلى خلاصة القول، الاستهلاك شكل من أشكال «المُلك»، وقد يكون أهمها في المجتمعات الصناعية المكتظة بالسكان. فللاستهلاك صفات مبهمة، إنه يبعد القلق، لكون ما يملكه الفرد لا يؤخذ منه، إلا أنه يتطلب مزيدا من الاستهلاك، حيث تفقد قيمة ما سبق استهلاكه. لذا يمكن أن يعرف المستهلكون الحديثون اليوم أنفسهم بالمعادلة التالية:

آرثر كوسلر

روائي وصحافي وناقد إنجليزي هنغاري المولد

يعد واحداً من أصحاب الأصوات والأفكار الأدبية والسياسية المهمة في القرن العشرين

اشتهر بروايته «ظلام في الظهيرة» Darkness at Noon

«السـِبط الثالث عشر» الذي دحض فيه أسطورة يهود إسرائيل عـام 1976

عام 1948 حصل على الجنسية البريطانية، فغادر فلسطين متخلياً عن الحركة الصهيونية

سافر إلى أمريكا ومكث فيها سنوات عدة، وأعلن عام 1949 تخليه عن اليهودية

اهتم كوسلر بعلم النفس وخاصة نظريات تداعي الأفكار والرؤيا والحدس والتبصر

كتـابه «السائرون في نومهم» «1959» يعد بحثاً في تاريخ علم الأكوان

من أعماله

الهروب من الحرية 1941

التحليل النفسي والدين 1950

اللغة المنسية: مدخل إلى فهم الأحلام والقصص الخيالية والأساطير 1951

المجتمع العاقل 1955

تشريح نزوع الإنسان إلى التدمير 1973

إكهَارت «1260 - 1328»

فيلسوف وعالم لاهوت

أحد أهم رموز الإصلاح إلى لوثر

إريك فروم «1900 - 1980»

عالم نفس وفيلسوف ألماني أمريكي

ولد في مدينة فرانكفورت

هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية

درس العلوم الاجتماعية والنفسية والفلسفية بجامعتي فرانكفورت وهايدلبيرج

حصل على الدكتوراه عام 1922

بدأ تحليلاته السريرية الفعلية عام 1927

انتقل إلى جنيف بعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا

انتقل إلى جامعة كولومبيا في نيويورك في 1934

عام 1943 ساهم في تأسيس فرع لمدرسة واشنطن للتحليل النفسي في نيويورك

شارك في تأسيس معهد وليام آنسون وايت للتحليل والطب النفسي

انتقل إلى المكسيك عام 1949 وأصبح أستاذا في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك «UNAM»

عام 1974 انتقل فيه إلى مورالتو في سويسرا