أعرابية على قبر زوجها

قال الأصمعي: دخلت بعض مقابر الأعراب، ومعي صاحب لي، فإذا جارية على قبر كأنها تمثال، وعليها من الحلي والحلل ما لم أر مثله، وهي تبكي بعين غزيرة، وصوت شجي! فالتفت إلى صاحبي؛ فقلت: هل رأيت أعجب من هذه؟ قال: لا والله، ولا أحسبني أراه! ثم قلت: يا هذه: إني أراك حزينة وما عليك زي الحزن! فأنشأت تقول: فإن تسألاني: فيم حزني؟ فإنني رهينة هذا القبر یافتیان وإني لأستحييه والتراب بيننا كما كنت أستحييه حين يراني.

ثم اندفعت في البكاء، وجعلت تقول:

ياصاحب القبر ، يا من كان ينعم بي بالا ، ويكثر في الدنيا مواساتي

قد زرت قبرك في حلي وفي حللي كأنني لست من أهل المصيبات

أردت آتيك فيما كنت أعرفه أن قد تسره به من بعض هیئاتی

فمن رآني رأى عبري مولهة عجيبة الزي.. تبكي بين أموات!