تشعر بأنك لم تقم بواجباتك جيدا؟ أنجزت مهامك جميعها وليست على الوجه الأكمل؟ بل وتتيقن أنك أقل بكثير ممن يعملون عملا مثلك أو يتساوون معك في سنوات الدراسة، تراهم أكثر تفوقا وإيجابية، بينما أنت تخطو ببطء ورتابة، تنظر إلى أقرانك وهم يتباهون بإنجازاتهم وأعمالهم رغم قلتها وندرتها وضآلة تأثيرها؟

صوتهم أعلى وتحركهم نحو أهدافهم أقوى، وأنت تنظر من نافذتك إليهم منبهرا، ولكنك لا تستطيع أن تحاكي ما يفعلون.

إن كنت تلك الشخصية، فأنت الأكثر عملا والأجدر مكانا والأقوى تأثيرا، أنت فقط لا تعرف قدر نفسك، تتهم قدراتك بالضعف رغم ما تنجز، وتلقي على نفسك اللوم وأنت الأكثر إتقانا، خطواتك الأثبت والأكثر تأثيرا، لا تمتلك الحنجرة الجهورة والخيلاء المصطنعة، ولكن تملك الموهبة الصادقة والعمل الدؤوب.

أنت الذي تملك كثيرا مما يفتقر غيرك إليه، اتهامك لنفسك بالتقصير دال على عظمة عقلك فلا تيأس.

تباهي غيرك بصفة واحدة أو قدرة على القيام بعمل يقابل آلاف الأفعال لديك ليس مؤهلا قويا له ليكون أجدر منك، هو فقط يملك صوتا عاليا يستطيع أن يسمعه لغيرك، من المحتمل أنه كذلك يمتلك نوعا من الكاريزما تفتقر لها أنت، ولكنها لا تدل بحال من الأحوال على تفوقه الدائم.

دائما ننبهر بالجميلات إلى أن تنفد لديهن مساحيق التجميل، أو عندما تتساقط قطرات الماء فجأة على وجوههن، هو كذلك تفوقه عليك ناقص مؤقت وغير دائم، من يملك المنبع لا يهمه إلى أين تذهب السيول، لديك الأصول وفن الابتكار، ما ينقصك هو أن ترتكز على مقوماتك القوية وأصولك المتجذرة التي لا تعرف الخنوع والتردد والسقوط في آبار اللوم واتهام النفس بالتقصير.

وأنت تنظر إلى غيرك من خلال نافذتك الضيقة لا بد أن تتعلم كيف تعبر عن نفسك كما يفعل، ولكن دون مبالغة، أظهر مواهبك دون تعال، انشغل أكثر بتحديث ما تقوم به وإصقال قدراتك وتقوية عقلك، وحاول دائما أن تفكر في نفسك بإيجابية.

إن كنت تظن أن هناك عثرات بطريقك لا تقوى على تخطيها التف حولها وأكمل إلى أن تكون قادرا على القفز من فوقها، لا مانع من أن تعاود نفس الطريق وستشعر بالفخر وأنت تتخطاها.

الشعور بالفخر، اعلم أنك ستترجمه لأعمال أقوى وتحديات أكبر، وليس كما يفعل أصحاب الحناجر المرتفعة والخيلاء المصطنعة، أنت الذي زرعت الثقة بك... فضلا، لا تكن أول من ينزعها من جذورها لمجرد أفكار مشوهة تزور عقلك بلا موعد سابق،

قم الآن والفظها من تفكيرك، وافتح نافذتك ليدخل إليك نور يوم جديد يحمل أشعة الثقة التي تشعرك بالدفء والرغبة في إكمال الطريق، فالشعور باليأس دائما يصاحبه برودة الخيبات واختناق الصوت.

الفرق بينك وبين المتعالين بما لديهم هو التمسك ولو بالقليل من القدرات أو المواهب ولو كانت ضئيلة أو مؤقتة، التمسك بحب الحياة تلك المنحة الإلهية التي منحنا الله إياها مع الأمانة التي أبت "السماوات والأرض والجبال أن يحملنها" وحملتها أنت، وهي العقل والتمييز، وحسن التفكير، والتقدير، واستعمال كل ما هو مسخر لك.

أيها الإنسان، انظر إلى قدراتك واملأ الأرجاء حمدا لله عليها وعلى أنها كاملة لديك وتنقص عند آخرين، إما لمرض أو لفقر أو حاجة.. اعتنِ بتلك الأمانة التي سوف تسأل عنها، لأنك مسؤول أمام خالقك عن كل ما تفعله تجاهها.

نفسك ثروة وعقلك ثروة وقدراتك وما تحمل من مواهب ثروة، فلا تكن أنت السالب الوحيد والمسبب لفقدها وتبديدها، اعتنِ بها، وهذب كل فكرة عندما تحاول الخروج بك عن ذلك البستان الرائع الذي تملكه، عد ورتب أفكارك وعدد مميزاتك وضع عيوبك أمامك ليس للتباكي عليها، وإنما كما سبق وذكرت لك، التف حولها تمهيدا للقفز القوي لتخطيها وإكمال الطريق بثقة وأمان.

هذه رسالتي إليك.