من اكتوى بنيران شركة المياه وعاش تلك اللحظات بمرها ومرها، ليس كمن نما إلى علمه خبر ذلك الصنيع، ولا صنو من رأى لهيب نيرانها يتطاير شررها من بعيد هنا وهناك.

والحقيقة أنني لم أكن أعتقد أن شرارة تلك النيران سوف تلحق بي لتحرق ما تبقى فيّ من أعصاب، لتأتي في وقت عصيب وتؤجج الحالة النفسية وتضنيها كدراً بفواتيرها المشتعلة باهظة السعر والثمن، فعلى خلفية حالات التذمر ومواقف الاعتراض والشكاوى المتلاحقة ضد شركة المياه، والتي عرضت وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء كثيرة منها في أوقات متفرقة، وقام بتوثيقها عدد ليس بالقليل من المواطنين والمقيمين، كنت بالأمس القريب على موعد مع موقعها الإلكتروني لأرفع خطاب شكوى وتذمر من مبلغ الفاتورة غير المعقول مقابل حجم الاستهلاك العادي، بعد أن عجزت عن حصول على تفسير لذلك الارتفاع، وتعذر الوصول إلى من يعلل لي ذلك، فور أن رفضت الشركة استقبال أي مراجع لها في مكتبها، وأسوة بباقي المشتركين الذين لم تفلح جميع محاولاتهم في إقناع الشركة بخطئها الفادح، أو ثنيها عن استخدام الأجهزه الحديثة (عدادات المياه) التي تعمل باحتساب الفترة الزمنية لعمل العداد الذي يقوم بالقراءة في الهواء دون أن يكون هناك قطرة ماء تجري داخل أنبوب المياه.

وعلى الرغم من الأدلة الدامغة التي ساقها المشتركون إلى الشركة، ورغم ارتفاع مبالغ الفواتير المغالى في قيمتها بشكل خرافي، ومع وجود عدد من الشواهد التي تدل على وجود خطأ أو تجاوزات في عدادات المياه، فإنه لم يطرأ على هذه القضية أي تفاعل إيجابي حتى لحظة كتابة هذا المقال، والشركة ما زالت تصر على موقفها المتعنت وترفض كل تلك الأدلة، ولم تترك لنا خياراً للاعتراض عبر موقعها الإلكتروني بالشكل الذي يرضينا ويحفظ حقنا في الاعتراض، ولم تمنحنا الفرصة الكافية لإيضاح موقفنا مشافهةً وجهاً لوجه، بل فرضت علينا رأيها بأن حددت لنا أيقونات بإمكانيات منتقاه، محدودة التصرف، ضيقة البيان والشرح، بحيث تتوافق هذه الإمكانيات مع سياستها في الانفراد بالرأي.

وفي ظل ارتفاع حدة الامتعاض والغيظ، وارتفاع وتيرة رفض المواطن والمقيم على حدٍ سواء للأسلوب الذي تنتهجه الشركة، اضطر كثير منهم إلى طلب إيقاف الخدمة نهائيا وإنهاء العلاقة مع الشركة، والعودة إلى سابق العهد القديم من خلال استخدام صهاريج المياه التي توفر لنا المياه بأسعار معقولة ومناسبة للجميع، ولكن وللغرابة فحتى طلب إنهاء الخدمة قوبل بالرفض، لماذا؟ لا ندري، كما أن المساعي الرامية لحل تلك الإشكالية التي ما زالت قائمة تبدو بعيدة الأمل.

ما زلنا في انتظار ما ستؤول إليه الأمور مع هذه الشركة، إما أن تجبرنا على الدفع ونرضخ لتلك المطالب مرغمين أو تعترف الشركة بوجود خطأ مرده عطل وخلل في العدادات أو خلل في النظام.

ومن خلال الشكاوى التي عرضها المشتركون، فقد وقفت على إحدى تلك الشكاوى الفاجعة شخصياً، ورأيت بأم عيني قيمة الفاتورة وقد بلغ مقدار المبالغ المدرجة فيها 47000 ريال، في حين بلغت قيمة الفاتورة الخاصة بي 5330 ريالا لفترة وجيزة لا تتعدى الستة أشهر لعائلة محدودة الأفراد بمعدل 833 ريالا لكل شهر، في حين كانت القيمة الشهرية التي تدفع لاستهلاك المياه قبل تركيب العداد 130 ريالا، وهي تسعيرة صهاريج المياه، أي ما مجموعه 780 ريالا لستة أشهر.